وزير خارجية إيران:إطار جديد للتعاون مع "الطاقة الذرية" ولا مفاوضات قريبة مع أوروبا وأميركا

أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن مسؤولاً رفيعًا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيزور طهران، يوم الاثنين 11 أغسطس (آب).

أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن مسؤولاً رفيعًا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيزور طهران، يوم الاثنين 11 أغسطس (آب).
وقال عراقجي، يوم الأحد 10 أغسطس، على هامش اجتماع حكومي، إن نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، سيصل إلى إيران لإجراء محادثات حول إطار جديد للتعاون، استنادًا إلى القانون، الذي أقره البرلمان الإيراني.
وشدّد عراقجي على أنه ما لم تتوصل طهران والوكالة إلى إطار جديد، فلن تكون هناك أي خطط لإجراء عمليات تفتيش أو زيارات للمرافق النووية الإيرانية.
وكان رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إبراهيم عزيزي، قد أعلن الأسبوع الماضي أن أي هيئة أجنبية، بما في ذلك وفد الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يعتزم زيارة إيران، لن يُسمح لها بالوصول الميداني إلى المنشآت النووية.
وكان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قد أصدر أمرًا، في 2 يوليو (تموز) الماضي، بتنفيذ قانون "إلزام الحكومة بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وهو قانون كان قد صادق عليه البرلمان وأيّده مجلس صيانة الدستور.
لا جولة جديدة من المفاوضات مع أوروبا وأميركا
قال عراقجي، في جزء آخر من تصريحاته للصحافيين، إن اتصالات إيران مع الدول الأوروبية مستمرة، لكن طهران ما زالت ترى أن تفعيل "آلية الزناد" (سناب باك) أو تفعيل العقوبات الأممية "لا أساس لها"، وأن أوروبا لم تعد تُعتبر طرفًا مشاركًا في الاتفاق النووي.
وأضاف: "حتى الآن لم يتم تحديد جولة جديدة للتفاوض مع أوروبا".
وكان مسؤولون إيرانيون وممثلون عن فرنسا وألمانيا وبريطانيا قد اجتمعوا في إسطنبول، في 25 يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة منذ الهجمات الأميركية والإسرائيلية على إيران، وكان المحور الرئيس لهذه المباحثات مصير القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن، والمقرر أن تنتهي صلاحيته في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وبينما كانت المحادثات مع دول "الترويكا" الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) تركز على مسألة تفعيل "آلية الزناد"، ظلّ مستقبل المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة مع الولايات المتحدة غامضًا.
كما أعلن وزير الخارجية الإيراني أنه لم يُتخذ أي قرار نهائي بشأن التفاوض مع أميركا، وعند سؤاله عن احتمال استضافة النرويج للجولة المقبلة من المحادثات مع واشنطن، قال إنه لا يؤكد أي خبر يتعلق باستضافة أي دولة.
وقبل ساعات من تصريحات عراقجي، أشار الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في خطاب غامض، مع تأكيده على ضرورة الحوار مع الغرب، إلى انتقاده لمعارضي المفاوضات، مؤكدًا أنه لا ينبغي التعامل مع هذا الموضوع بـ "عاطفية".
وتعكس هذه التصريحات استمرار حالة الجمود بين مسؤولي النظام بشأن أسلوب التعامل مع الغرب ومصير المفاوضات.


أكدت زهرا رهنورد، زوجة مير حسين موسوي، زعيم "الحركة الخضراء"، وأحد القادة المعارضين الخاضعين للإقامة الجبرية، على خلفية الاحتجاجات ضد نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009، أن "الوجه القبيح للاستبداد والعنف" ما زال على جسد إيران، وهو "الكلمة الأولى والأخيرة" للنظام.
ونقل موقع "كلمه"، يوم الأحد 10 أغسطس (آب)، عن رهنورد، قولها في رسالة لها، من مقر إقامتها الجبرية: "كان الشعب يأمل بعد الحرب، التي استمرت 12 يومًا، أن يتخلى النظام الحاكم عن السياسات الخارجية المدمرة والنهج الاستبدادي الداخلي ضد الشعب الإيراني، وأن يستجيب لنصائح المخلصين للشعب، ويتخذ كخطوة أولى الإفراج عن السجناء السياسيين، وتنظيف ساحة الفكر والقلم من سواد الرقابة".
وفي بيانها الأخير، أشارت رهنورد إلى ضرب وسحل عدد من السجناء السياسيين، أثناء نقلهم إلى سجن "إيفين"، قائلة: "إن الشعب كان يأمل بعد الأضرار التي خلفتها الحرب، أن يضع النظام الحاكم البلسم على الجراح، بدلاً من ممارسة الضغط".
واستدركت: "لكن النظام الحاكم زاد من العنف والظلم والقمع، وإعدام أبناء الشعب من المعارضين، وفي الوقت نفسه قمع وتقييد السجناء السياسيين بالأغلال والأصفاد والضرب والسحل، كما قاموا بنقل هؤلاء الأحرار الشرفاء من سجن إلى آخر، وغطوا وجوههم النبيلة بالدماء، وأصابوا أيديهم وأرجلهم بالجراح".
وبحسب المعلومات، التي حصلت عليها "إيران إنترناشيونال"، فقد أًعيد فجر الجمعة 8 أغسطس الجاري مئات المعتقلين السياسيين الرجال، إلى العنبر السابع في سجن "إيفين" بطهران، بعدما نُقلوا منه، إثر تعرضه لهجوم إسرائيلي، إلى سجن طهران الكبير.
وتقول المصادر إنّ العناصر الأمنية حاولوا أثناء عملية النقل فصل السجناء السياسيين المحكومين بالإعدام عن باقي السجناء، الأمر الذي واجه احتجاج السجناء الآخرين، ما أدى إلى الاعتداء بالضرب على عدد منهم.
وردًا على قمع وتهديد المعارضين، كتبت رهنورد، موجهة كلامها للمسؤولين: "يجب على الآمرين والمنفذين لهذه الكارثة الاعتذار من السجناء الصامدين ومن الشعب"، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين.
وقال حسين رزاق، وهو سجين سياسي سابق، على منصة "إكس" إنّه خلال إعادة السجناء إلى "إيفين"، تعرض كل من: أبو الفضل قدیانی، ومصطفى تاجزاده، ومحمد باقر بختیار، ومطلب أحمديان، ومهدي محموديان، وخشايار سفيدي، للضرب من قِبل عناصر الأمن؛ بسبب رفضهم وضع القيود والأغلال في اليدين والقدمين.
وبحسب قول رزاق، فإن كلًا من: بابك شهبازي، وبويا قبادي، ووحيد بني عامريان، ومحمد تقوي، وبابك علي بور (علي زاده)، وأكبر دانشور كار، وجميعهم محكومون بالإعدام، تم فصلهم عن بقية السجناء بعد ضربهم وسحلهم، ونُقلوا إلى سجن "قزلحصار" في كرج.
وأكدت رهنورد، في بيانها، أنه على نظام طهران، بدلاً من "العناد مع الشعب الإيراني العظيم"، أن يسلك "طريقًا مليئًا بالتعاطف والتواضع" ويقف إلى جانب الشعب، لا في مواجهته.
وكان الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، قد أكد، صباح السبت 9 أغسطس، ضرورة "انسجام قوى النظام الإيراني رغم اختلاف وجهات النظر"، قائلًا: "إنّه في سياق هذه الحرب، حتى الذين كانوا في السجن، وقفوا للدفاع عن إيران".
وفي 21 يونيو (حزيران) الماضي، نشرت وسائل الإعلام الرسمية التابعة للنظام الإيراني بيانًا وقّعه 500 ناشط سياسي، وكانوا من السجناء السابقين، أدانوا فيه الهجمات الإسرائيلية. كما أدان بعض الشخصيات، بينهم الناشط والسياسي الإصلاحي البارز، مصطفى تاج زاده، بشكل منفصل من داخل سجن "إيفين" هذه الهجمات.
وقالت الناشطة الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، نرجس محمدي، في رسالة صوتية، يوم 8 أغسطس الجاري، تعليقًا على ضرب السجناء السياسيين أثناء إعادتهم إلى سجن "إيفين"، إن السجناء السياسيين هتفوا في وجه قوات الحرس: "الموت لخامنئي" و"الموت للديكتاتور".
وكان مير حسين موسوي، زوج رهنورد، قد أشاد سابقًا في بيان بـ "صمود" الشعب خلال الحرب، التي استمرت 12 يومًا بين النظام الإيراني وإسرائيل، ومع تأكيده على حق المواطنين في تقرير مصيرهم، دعا إلى إجراء استفتاء في البلاد.

يضمّ العنبر الخامس في سجن شيبان بالأهواز، جنوب غرب إيران، الذي تبلغ طاقته الفعلية 100 نزيل، أكثر من 125 سجينًا سياسيًا، يعانون أوضاعًا مأساوية، بما في ذلك التكدس الشديد وتدهور حالاتهم الصحية، وقد أعلنوا أنهم سيخوضون إضرابًا عن الطعام، إذا لم تُعالج مشاكلهم فورًا.
وأفادت منظمة حقوق الإنسان "كارون"، يوم السبت 9 أغسطس (آب)، أن ما لا يقل عن 80 من المعتقلين، الذين نُقلوا إثر الاعتقالات الواسعة بعد الحرب، التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، أُودعوا في العنبر الخامس من سجن شيبان بالأهواز.
وهؤلاء الأشخاص، بعد تحملهم للتعذيب الجسدي والنفسي والاعترافات القسرية، حُكم عليهم بأحكام سجنٍ قاسية، مما زاد بشكل كبير من عدد نزلاء هذا العنبر.
الاكتظاظ وظروف المكان غير المناسبة
على الرغم من أن مساحة العنبر الخامس في سجن "شيبان" صُممت لاستيعاب ما لا يزيد على 100 شخص، فإن الاكتظاظ جعل الظروف الصحية والإنسانية في حالة تدهور شديد.
وكانت الغرف في هذا العنبر، والتي تبلغ مساحة كل منها أقل من 20 مترًا مربعًا، مخصصة لـ 12 إلى 15 شخصًا، لكن بسبب التكدس السكاني أصبحت بعض الغرف تضم أكثر من 20 شخصًا.
ولا تتجاوز مساحة ساحة هذا العنبر 60 مترًا مربعًا، وبسبب عطل في نظام الصرف الصحي، تجمّعت مياه ملوثة ومخلفات الصرف في تلك الساحة، وانتشر العفن والروائح الكريهة في أنحاء السجن.
وتحجب الجدران العالية لهذا السجن، ذات الارتفاع الذي يبلغ 12 مترًا، وبسُمك ستة أمتار، تدفق الهواء والتهوية الطبيعية في الساحة، لذا لا تتوفر للسجناء إمكانيات التنقل أو المشي أو ممارسة الرياضة فيها، ويُنقلون مرة كل أسبوعين إلى عنبر آخر كي يتمكنوا من ممارسة بعض الرياضة.
انتشار الأمراض وحالات صحية حرجة
ذكرت منظمة "كارون" أن الحالة الصحية في العنبر الخامس من سجن شيبان "شديدة الخطورة"، وأن أمراضًا متعددة انتشرت بين النزلاء.
وإلى جانب بعض الأمراض المحددة، ازدادت بشكل حاد أمراض جلدية، مثل الجرب، كما ارتفعت حالات الإنفلونزا.
ومن المخاوف أيضًا أن الطهي يتم في ساحة العنبر بجوار مياه ملوثة ومخلفات الصرف، مما يعرض صحة النزلاء لمخاطر إضافية.
ويقتصر العنبر على مرحاضين فقط، ويضطر النزلاء للانتظار في طوابير طويلة لاستخدامهما. كما يتوفر حمّامان فقط للنزلاء، وبسبب الاكتظاظ تصل فترة الانتظار لاستخدامهما إلى ساعتين أو ثلاث ساعات، بالإضافة إلى أن أجهزة التبريد المتوفرة غير فعّالة، ويزيد من معاناة النزلاء حرّ الأهواز الشديد.
التهديد بالإضراب عن الطعام
ردًا على هذه الظروف الحرجة واللاإنسانية، هدد السجناء السياسيون في هذا العنبر بخوض "إضراب جماعي عن الطعام" إذا لم تُتخذ إجراءات فورية لتحسين أوضاعهم. وأعلنوا أن هذا الإضراب سيكون احتجاجًا على "الظروف غير الإنسانية الموجودة في السجن".
ويلجأ كثير من السجناء في إيران إلى الإضراب عن الطعام كملاذ أخير لتحقيق مطالبهم، معرضين بذلك حياتهم للخطر، وغالبًا ما يُستخدم الإضراب اعتراضًا على تأخّر البت في قضاياهم أو عدم مراعاة حقوقهم كسجناء.
المحكومون بالإعدام والأحكام الطويلة
يُعدّ العنبر الخامس في سجن شيبان بالأهواز واحدًا من أكثر أقسام السجناء السياسيين اكتظاظًا في إيران، ويحتوي على مجموعة من السجناء المحكومين بالإعدام وبأحكام طويلة الأمد.
ومن بين المحكومين بالإعدام المحتجزين في هذا العنبر: سید سالم موسوي، وحبیب دریس، ومحمد داورشناس، ومهدي شریفي، ومحمد أمین عبیات، ومرتضی مهنابور، ومسعود جامعي، وعلی رضا مرداسي، وفرشاد اعتمادي فر.
كما يقبع في هذا العنبر عدد من السجناء السياسيين المحكومين بالسجن المؤبد أو بأحكام طويلة، من بينهم: غلام حسین کلبي، وعبدالإمام زائري، وعبدالزهرا هلیجي، ویحیی ناصري، وناظم بریهي، ومحمد علي عموري نجاد، وسید یابر البوشوکه، وسید مختار آلبوشوکه، وعلي حلفي، وأيوب برکار، وفارس رماحي (عموري)، وسامان حرمت نجاد، وداود حرمت نجاد.
وقد أعربت منظمة حقوق الإنسان "كارون" في تقريرها عن قلق بالغ إزاء أوضاع السجناء، ودعت الهيئات والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان إلى التحرك الفوري لتحسين الظروف وحماية حياة وصحة السجناء السياسيين في سجون الأهواز.
وطالبت هذه المجموعات الدولية بمراقبة دقيقة لوضع السجناء، وظروف السجون لمنع وقوع أي انتهاكات لحقوق الإنسان.

ذكرت صحيفة "التلغراف" البريطانية أن النظام الإيراني نقل العلماء المتبقين عناصر برنامجه النووي، إلى "مخابئ سرية آمنة"، بعد أن قضت إسرائيل على نحو 30 من كوادره.
وأفادت الصحيفة، يوم السبت 9 أغسطس (آب)، بأن معظم المسؤولين عن البرنامج النووي الإيراني، بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا، لم يعودوا يقيمون في منازلهم أو يدرسون في الجامعات، بل جرى نقلهم إلى أماكن آمنة في طهران أو مدن شمال البلاد، حيث يعيشون مع عائلاتهم في فيلات تحت حراسة.
وبحسب مسؤول كبير في إيران، فإن أولئك الذين كانوا يدرّسون في الجامعات استُبدلوا بأشخاص لا علاقة لهم بالبرنامج النووي.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إيراني آخر قوله إن وحدة من الحرس الثوري كانت سابقًا مسؤولة عن حماية كوادر البرنامج النووي، لكن مع تصاعد المخاوف بشأن "الثقة" واحتمال وجود اختراقات أمنية، أصبح هناك تنسيق بين عدة جهات أمنية لتأمينهم. وأضاف: "سُئل جميعهم عما إذا كانوا لا يزالون يثقون بحراسهم، فأجاب بعضهم بالنفي، وتم توفير حراس جدد لهم".
إسرائيل تستهدف عناصر أخرى من البرنامج النووي الإيراني
وأكدت "التلغراف" أنها حصلت على أسماء أكثر من 15 من العلماء المتبقين، الواردة أسماؤهم ضمن قائمة إسرائيلية تضم نحو 100 مختص نووي إيراني. ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين، فإن هؤلاء أمام خيارين: الاستمرار في عملهم وقبول خطر التعرض لهجمات جديدة، أو تغيير مسارهم المهني.
قال داني سيترينوفيتش، الرئيس السابق للقسم الاستراتيجي الإيراني في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إن العلماء الباقين رأوا ما حدث لزملائهم، وهم الآن أمام خيار واضح. وأضاف: "كما تعلمنا منذ عام 2010، عندما أزلنا علماء آخرين، فإن هذا لن يغير قناعتهم بالعمل لصالح النظام".
وبحسب سيترينوفيتش، فإن من تبقى منهم سيكونون في الخطوط الأمامية لأي محاولة من إيران للحصول على قنبلة نووية، ومِن ثمّ سيصبحون أهدافًا تالية لإسرائيل، مؤكدًا: "ليس لديّ شك في أن أي شخص يعمل في البرنامج النووي الإيراني سيتم استهدافه أو تهديده".
ورغم ذلك، يقول خبراء إسرائيليون إن جيلاً جديدًا من العلماء النوويين الإيرانيين أصبح جاهزًا ليحل محل من تم اغتيالهم سابقًا. وبرغم الإجراءات الأمنية المشددة، بما فيها "المنازل الآمنة" والحماية على مدار الساعة، يصف هؤلاء الخبراء العلماء الباقين بأنهم "أموات يمشون على الأرض".
ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن إيران هيكلت برنامجها النووي، بحيث يكون لكل شخصية رئيسة على الأقل نائب واحد، ويعملون في فرق من شخصين أو ثلاثة، لضمان وجود بديل في حال وقوع هجوم.
وتخشى مصادر إسرائيلية أن يحل بعض العلماء المتبقين محل الذين قُتلوا، في منظمة الابتكار والبحوث الدفاعية (سبند) المسؤولة عن برنامج الأسلحة النووية الإيراني.
ويشمل هؤلاء علماء مختصين في المتفجرات، والفيزياء النيوترونية، وتصميم الرؤوس النووية. وقال المحلل الاستخباراتي والدفاعي الإسرائيلي، رونين سالومون، إن هؤلاء العلماء عملوا على تكييف صواريخ "شهاب-3" لحمل رؤوس نووية، ما يجعلهم عناصر حيوية لقدرة طهران على نشر الأسلحة النووية.
وأوضح أن العلماء الذين قُتلوا على يد إسرائيل كانوا يركزون أكثر على تصميم الرؤوس النووية، بينما المتبقون اليوم يتمتعون بخبرة في أنظمة الإطلاق، ما يجعلهم أهدافًا استراتيجية بنفس درجة أولئك الذين قُتلوا، خصوصًا أن الهجمات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة استهدفت أيضًا البنية التحتية للصواريخ الباليستية الإيرانية.
ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين، فإن ما يدفع برنامج طهران النووي متجذر بعمق في الجامعات والنظام التعليمي الإيراني، وهو ما دفع إسرائيل إلى مهاجمة جامعتي "الشهيد بهشتي" و"الإمام الحسين" في طهران، لارتباطهما بالبرامج النووية والعسكرية للنظام الإيراني.

أشار الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إلى الحرب التي استمرت 12 يومًا، قائلاً إن إسرائيل، بـ "توجيه ودعم" من الولايات المتحدة وفي إطار أهداف واشنطن، كانت تسعى إلى اغتيال قادة وعلماء إيرانيين، وفي نهاية المطاف إلى نشر الفوضى.
وجاء ذلك خلال زيارة وُصفت بأنها "مفاجئة" قام بها بزشكيان إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية "صدا وسيما"، صباح يوم السبت 9 أغسطس (آب).
وخلال حوار له في هذه الهيئة، دعا إلى "توحيد الصفوف، رغم اختلاف وجهات النظر"، وقال إنه في الحرب التي استمرت 12 يومًا "حتى أولئك الذين كانوا في السجون وقفوا للدفاع عن إيران".
وأضاف أنه كان من غير المتصور بالنسبة له أن يرى في الشارع أشخاصًا يرفعون لافتات كُتب عليها "روحي فداء القائد"، قائلاً: "حتى من لا نقبل بهم، كانوا يدافعون عن القائد وعن إيران والوطن. يجب أن نتقبل اختلاف الأذواق والآراء وألا نصفها بالعداء".
وفي جزء آخر من حديثه، أشار بزشكيان إلى استهداف إسرائيل للإدارة السياسية في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، وقال: "إن وضع إسرائيل لهذا المكان (الهيئة) ضمن الأهداف التي يجب قصفها، يدل على خوفها من وعي الناس واطلاعهم".
وتجدر الإشارة إلى أن الإدارة السياسية لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، الموجودة في المبنى الزجاجي للمؤسسة والمسؤولة عن إعداد الأخبار، كانت قد استُهدفت في 16 يونيو (حزيران) الماضي من قِبل إسرائيل. وأدى الهجوم إلى تعطيل البث المباشر لقناة "خبر" الإخبارية، وكان المذيع وقتها يقرأ بيانًا تهديديًا صادرًا عن المجلس الأعلى للأمن القومي ضد المواطنين.
وقال بزشكيان إن "الخونة" يديرون الأخبار وفق "النوايا الخبيثة للمستعمرين والمعتدين"، مضيفًا: "لكن في الوقت نفسه، لدينا صحافيون واعون ومخلصون، سواء في إيران أو في المنطقة أو في غزة، ينقلون صوت المظلومية في المنطقة إلى أسماع العالم، وكثيرون منهم فقدوا حياتهم في هذا الطريق".
وجاءت زيارة الرئيس الإيراني إلى مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون بمناسبة ما يُسمّى في التقويم الرسمي للنظام الإيراني بيوم الصحافي، الذي يوافق 9 أغسطس من كل عام.

بعد مرور أكثر من 40 يومًا على إيقاف الحرب بين إيران وإسرائيل، ومع مقتل العشرات من القادة العسكريين الإيرانيين، والفشل في تعيين بدلاء لبعض المناصب الحساسة، أثار الغياب اللافت لقائد القوة البحرية للحرس الثوري، علي رضا تنكسيري، تساؤلات جديدة حول تماسك الهيكل العسكري للنظام الإيراني.
وتُظهر مراجعات فريق التحقق في "إيران إنترناشيونال" أنه، وبعد أكثر من أربعين يومًا على نهاية الحرب، لاتزال مواقع قيادية عديدة في القوات المسلحة الإيرانية شاغرة.
اختفاء قائد القوة البحرية بالحرس الثوري
في 13 يونيو (حزيران) الماضي، أدّت سلسلة من الضربات الإسرائيلية المركّزة إلى إرباك هيكل القيادة العسكرية للنظام الإيراني.
ونتيجة لهذه الهجمات قُتل أكثر من 20 قائدًا كبيرًا في الحرس الثوري الإيراني، من بينهم رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، محمد باقري، والقائد العام للحرس، حسين سلامي، وقائد مقر خاتم الأنبياء المركزي، غلام علي رشيد، وذلك خلال ساعات قليلة.
قادة قُتلوا وبدلاء غائبون
خلال تلك الهجمات، استُهدف بعض القادة في منازلهم، فيما قُتل آخرون أثناء اجتماع في أحد المخابئ، يُعتقد أنه عُقد بناءً على رسالة مزيفة أرسلها إليهم قراصنة إسرائيليون.
وسارعت السلطات الإيرانية حينها إلى إظهار السيطرة على الوضع، فعيّنت عبد الرحيم موسوي رئيسًا جديدًا للأركان العامة، ومحمد باكبور قائدًا عامًا للحرس الثوري، وأسندت قيادة مقر خاتم الأنبياء إلى علي شادماني.
ولكن بعد خمسة أيام فقط، قُتل شادماني أيضًا في حادث، وصفته ابنته بأنه عملية اغتيال نفذها فريق إسرائيلي أثناء مطاردة. وذكرت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، أن خليفته عُيّن سرًا لدواعٍ أمنية، لكن ذلك لم يُؤكَد رسميًا.
ورغم هذه التعيينات، لا تزال مناصب أساسية شاغرة، من بينها: نائب العمليات في الأركان العامة (مهدي رباني)، نائب الاستخبارات في الأركان العامة (غلام رضا محرابي)، نائب الاستخبارات في قوة الجو-فضاء التابعة للحرس (خسرو حسني)، إلى جانب قادة ميدانيين مثل محمد رضا زهيري (مدير استخبارات الجنوب الغربي)، ومحسن موسوي (مسؤول استخبارات في فيلق القدس)، ورضا نجفي (قائد حرس إيجرود- زنجان).
وشملت قائمة القادة الثلاثين، الذين قُتلوا تشمل أيضًا أسماء بارزة مثل بهنام شهرياري، مجتبی معین بور، ورضا مظفري نيا، ومعظم هذه المناصب لم يُعيَّن لها بدلاء حتى الآن، ما قد يعيق التنسيق العملياتي واتخاذ القرار داخل القوات المسلحة.
ضربة لـ «فيلق القدس»
تعرض فيلق القدس هو الآخر لضربة، إذ قُتل محمدسعيد إيزدي (مسؤول ملف فلسطين) ومحمد رضا نصير باغبان (نائب الاستخبارات في الفيلق) في هجوم جديد، ولم يُعلن عن أي بدلاء لهما حتى الآن. ويكتسب هذا الغياب أهمية خاصة لأن إيزدي كان لاعبًا رئيسًا في إعادة ترميم ما يُسمى "محور المقاومة" بعد الحرب.
غياب "تنكسيري" الغامض
إلى جانب القادة الذين قُتلوا، يثير غياب علي رضا تنكسيري، منذ نحو شهرين علامات استفهام كبيرة. فالقائد الذي كان نشطًا للغاية إعلاميًا، وشارك في أكثر من 20 خطابًا ومقابلة بين مارس (آذار) ويونيو الماضيين، اختفى تمامًا من المشهد العام منذ أيام قبل اندلاع الحرب.
وفي 8 أغسطس (آب) الجاري، نشرت وكالة "التلفزيون الإيراني" رسالة مكتوبة منسوبة إليه لتهنئة الصحافيين، لكن لا يُعرف ما إذا كان هو من كتبها شخصيًا أو مكتبه. بخلاف ذلك، الاقتباس الوحيد المنسوب إليه خلال هذه الفترة كان تهديدًا بإغلاق مضيق هرمز، تبيّن لاحقًا أنه إعادة نشر لتصريح قديم بثته قناة "المسيرة" اليمنية.
وقال مصدر مطلع لـ "إيران إنترناشونال" إن تنكسيـري مصاب بالسرطان، وإن تدهور حالته الصحية في الأشهر الأخيرة هو السبب وراء غيابه عن الفعاليات والإعلام.
ارتباك في الجهاز الاستخباراتي
يشير مقتل رباني ومحرابي وحسني، ومحمد كاظمي (رئيس منظمة استخبارات الحرس) وخليفته حسن محقق، إلى أن التغييرات القسرية في المؤسسات الأمنية والعسكرية بلغت ذروتها. التعيين العلني الوحيد كان لمجيد خادمي، الذي أُسند إليه أيضًا منصب رئيس منظمة استخبارات الحرس مؤقتًا، دون التخلي عن رئاسته لجهاز حماية المعلومات، ما يعكس أزمة حادة في الكوادر القيادية.
مجلس الدفاع ومحاولة إعادة التنظيم
ردًا على هذا الفراغ القيادي، أُنشئ "مجلس الدفاع" بعضوية ممثلين عن الجيش والحرس ووزارة الاستخبارات والأركان العامة، بقيادة الرئيس الإيراني، وبمشاركة علي شمخاني وعلي أكبر أحمديان كممثلين للمرشد.
لكن استمرار غياب بدلاء لمناصب حساسة، إلى جانب غياب قائد القوة البحرية للحرس، الذي يلعب دورًا استراتيجيًا في الخليج ومضيق هرمز، يهدد بعرقلة التنسيق العسكري في منطقة بالغة الحساسية.
هذه التطورات، إلى جانب غياب الشفافية، تكشف عن مشكلات بنيوية في الهيكل العسكري للنظام الإيراني، مما قد يحد من قدرته على مواجهة التحديات المقبلة.