وأشارت شبكة "فرانس 24"، يوم الجمعة 26 ديسمبر (كانون الأول)، إلى أن خطر المواجهة المباشرة بين إسرائيل وحكومة إيران كان يتشكّل منذ نحو 20 عامًا. وذكرت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وخلال مسيرته السياسية الطويلة، وصف طهران مرارًا بأنها "العدو رقم واحد" لإسرائيل، وقال إن البرنامج النووي الإيراني له هدف واحد هو "تدمير الدولة اليهودية".
وبحسب التقرير، فإن طهران التي طالما دعت إلى القضاء على إسرائيل، كانت تزود وكلاءها في غزة ولبنان بالسلاح.
وأضافت "فرانس 24" أنه ما لم يكن واضحًا هو كيف يمكن أن تنتهي المواجهة بين هذين العدوين "اللذين يمتلكان قدرات عسكرية كبيرة".
وكتبت الوسيلة الفرنسية أن الإجابة جاءت في الساعات الأولى من يوم 13 يونو (حزيران) الماضي، حين سُمعت انفجارات في طهران، وأعلن نتنياهو بدء عملية "صعود الأسود".
ماذا خسرَت إسرائيل وإيران؟
أدت المواجهة المسلحة بين العدوين اللدودين إلى تورط الأردن وقطر، وكذلك الولايات المتحدة، التي وصف رئيسها دونالد ترامب النزاع بـ "حرب الـ 12 يومًا".
أوضحت "فرانس 24" أن الاشتباكات المتفرقة بين إيران وإسرائيل في الأشهر التي سبقت الحرب بدت باهتة مقارنة بالعملية الإسرائيلية المفاجئة خلال حرب الـ 12 يومًا. ففي ليلة واحدة، استهدفت 200 طائرة مواقع عسكرية في أنحاء إيران، إضافة إلى "المواقع النووية الرئيسة للنظام في نطنز وفوردو وأصفهان".
ووفق التقرير، سيطرت إسرائيل خلال ساعات على المجال الجوي الإيراني، ونفّذت خلال الأيام الـ 12 التالية عمليات جوية في مختلف أنحاء البلاد.
واستنادًا إلى منظمة ACLED (بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة)، نفّذت إسرائيل 360 هجومًا في 27 محافظة إيرانية خلال الحرب.
وأشار التقرير إلى أن جزءًا من نجاح عملية "صعود الأسود" يعود لاستخدام طائرات مسيّرة من نوع FPV، شغّلها عملاء لـ "الموساد" داخل إيران لاستهداف البنى التحتية الحساسة وكبار المسؤولين منذ الساعات الأولى.
وكتبت "فرانس 24" أنه حتى مساء 13 يونيو الماضي، كانت إسرائيل قد دمّرت منظومات الدفاع الجوي الإيرانية، وهاجمت عدة مدن، وقتلت ما لا يقل عن 20 من كبار ضباط النظام، بينهم رئيس هيئة الأركان العامة، محمد باقري، والقائد العام للحرس الثوري، حسين سلامي.
كما قُتل 9 "علماء نوويين إيرانيين بارزين" في هجمات إسرائيلية دقيقة، وصفتها صحيفة "لوموند" الفرنسية بأنها "ضربة حاسمة" للبرنامج النووي الإيراني، ليرتفع العدد لاحقًا إلى 16 عالمًا.
وأضافت "فرانس 24" أن نتنياهو أكد بعد أيام أن إسرائيل حاولت اغتيال المرشد الإيراني، علي خامنئي.
وفي السياق نفسه، قال ترامب بعد أربعة أيام من بدء الهجمات إن القوات الأميركية "تعرف بالضبط" مكان اختباء خامنئي، لكنها لن تستهدفه "في الوقت الحالي".
وبحسب التقرير، فإن الهجوم الإسرائيلي لم يقتل خامنئي، لكنه أضعف القدرات العسكرية للنظام بشكل كبير.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير: "أعدنا البرنامج النووي الإيراني سنوات إلى الوراء، وينطبق الأمر نفسه على برنامجه الصاروخي".
وبالاستناد إلى أرقام الجيش الإسرائيلي، فقد انخفض مخزون إيران من الصواريخ الباليستية من 2500 إلى نحو 1500 صاروخ، ودُمّر ثلثا منصات الإطلاق.
كما استهدفت الهجمات الإسرائيلية مباني حكومية وإعلامية وجامعات وسجن "إيفين" الشهير في طهران.
وأشارت "فرانس 24" إلى تضرر مدنيين، حيث أعلنت وزارة الصحة الإيرانية مقتل 610 مدنيين وإصابة 4700 آخرين، دون الإفصاح عن خسائر العسكريين.
الهجمات على المدن الإسرائيلية
بحسب "فرانس 24"، ردّت طهران سريعًا على الهجوم الإسرائيلي. وأكد خامنئي، خلال بيان في 13 يونيو، أن إسرائيل "لن تفلت من العواقب"، وأن الرد الإيراني "لن يكون نصفه منجزًا".
وأوضحت الشبكة أن صفارات الإنذار دوّت في أنحاء إسرائيل مع انطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية، ما أدى إلى حرائق في بعض مباني تل أبيب.
وقدّرت إسرائيل أن إيران أطلقت نحو 150 صاروخًا خلال الليل، تم اعتراض معظمها بمساعدة الولايات المتحدة والأردن. وكانت الأهداف الرئيسة منطقة كيريا في تل أبيب ومنشآت نووية إسرائيلية، وأسفرت الهجمات عن مقتل شخصين وإصابة نحو 60 آخرين.
وفي الأيام التالية، حظر الجيش الإسرائيلي نشر صور أو مقاطع تظهر الأضرار. وأفادت "فرانس 24" بأن الصواريخ تسببت بأضرار كبيرة في مدن إسرائيلية، بما في ذلك مصفاة حيفا، ومحطات كهرباء، ومنشآت مياه، ومستشفى سوروكا في بئر السبع، ومركز أبحاث معهد وايزمان في رحوفوت.
ووفق الجيش الإسرائيلي، أطلقت إيران نحو 550 صاروخًا وألف مسيّرة، تم اعتراض 90 في المائة منها. وقالت "ACLED" إن 36 إصابة مباشرة قتلت 28 مدنيًا وأصابت نحو 3000 آخرين.
فيما يتعلق بالأضرار الناجمة عن الصواريخ الإيرانية التي استهدفت المراكز الحضرية، نقلت قناة "فرانس 24" عن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قولها إن 480 مبنى في تل أبيب تضررت في خمسة مواقع منفصلة. وفي رامات غان، إحدى ضواحي تل أبيب، تضرر 237 مبنى في ثلاثة مواقع، من بينها نحو عشرة مبانٍ تضررت بشدة.
وفي بيت يام، وهي ضاحية أخرى من ضواحي تل أبيب، تضررت 78 مبنى في هجوم، تم هدم 22 منها.
وقدّم الإسرائيليون 40 ألف طلب تعويض، مع استمرار الدعم الشعبي الواسع لقرار نتنياهو مهاجمة إيران.
الولايات المتحدة: قنابل خارقة للتحصينات ووقف إطلاق النار
ذكرت "فرانس 24" أن واشنطن أخّرت الانضمام المباشر للحرب، وقال ترامب في اليوم الخامس: "قد أفعل ذلك، وقد لا أفعل".
ومع أن ترامب كان قد طلب من نتنياهو عدم مهاجمة إيران سعيًا لاتفاق نووي، فإنه وصف الهجوم الأول بأنه "رائع" و"ناجح جدًا"، قبل أن تستخدم الولايات المتحدة في 21 يونيو الماضي قنابل خارقة للتحصينات ضد منشآت نووية إيرانية، عبر سبع قاذفات B-2 استهدفت مواقع فوردو ونطنز وأطلقت صواريخ توماهوك على منشأة أصفهان.
وأعلن ترامب "تدميرًا كاملاً" للمواقع النووية، رغم نفي ذلك لاحقًا، فيما أقر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بتدمير "العديد" من المعدات، مؤكدًا أن البرنامج النووي "لم ينتهِ".
وردّت طهران بقصف قاعدة العديد الأميركية في قطر بعد تحذير مسبق، دون وقوع خسائر.
وفي 24 يونيو الماضي أعلن ترامب نهاية الحرب، مؤكدًا التوصل إلى وقف إطلاق نار كامل. ورغم تبادل الهجمات لساعات إضافية، أعلن الطرفان "النصر".
وكتب على منصة "تروث سوشال: "تم التوصل إلى اتفاق كامل بين إسرائيل وإيران لإرساء وقف إطلاق نار كامل وشامل.. وسيرحب العالم بالنهاية الرسمية للحرب التي استمرت 12 يومًا".
وأشارت "فرانس 24" إلى أن إسرائيل وإيران واصلتا هجماتهما ضد بعضهما البعض لعدة ساعات، وبعد ذلك أعلن كلا الجانبين النصر.
أعلن نتنياهو عن نصر "تاريخي" لبلاده وحذر من أن إسرائيل "ستحيّد" أي محاولات مستقبلية من جانب طهران لإحياء برنامجها النووي.
كما أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن قواته "أجبرت" إسرائيل على الانسحاب "من جانب واحد".
وختمت "فرانس 24" بالإشارة إلى أن تقارير، بينها تقرير لـصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تؤكد أن كلفة الضربات على إيران كانت باهظة، بينما لا تزال الخسائر الإسرائيلية غير واضحة بسبب الرقابة العسكرية وغياب صور أقمار صناعية مستقلة.