برلماني إيراني سابق: المطالبة بتغيير العقيدة النووية "أثناء الحرب" تصب في مصلحة إسرائيل
الرئيس السابق للجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بیشه، قال إن "المطالبات بتغيير الاستراتيجية النووية الإيرانية أثناء الحرب، تصب فقط في مصلحة إسرائيل". وأضاف أن طرح موضوع الحاجة إلى السلاح النووي هو "خطوة خطيرة للغاية يقوم بها بعض النواب والسياسيين في البلاد".
قامت السلطات القضائية في إيران بحجب حساب الفنانة الكوميدية الإيرانية الشهيرة، زينب موسوي، صاحبة شخصية "الإمبراطور كوزكو"، على منصة "إنستغرام"، وذلك بعد أن وجهت النيابة العامة في طهران اتهامات لها تتعلق بـ"إلحاق ضرر بالأمن النفسي للمجتمع".
ووفقًا لتقارير صحافية، فقد تم حجب صفحة موسوي بأمر قضائي، في حين كانت وكالة "ميزان" التابعة للسلطة القضائية، قد أعلنت في 6 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري توجيه اتهامات ضدها، مشيرة إلى أن منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي أسفرت عن "تهديد الأمن النفسي للمجتمع"، مما دفع السلطات إلى رفع دعوى قضائية بحقها في محكمة الثورة العامة بطهران.
وبعد الإعلان عن الاتهامات، ردت موسوي عبر منصة "إكس" قائلة: "يعتقدون أن أي تعامل غير إنساني سيجعلهم أكثر إنسانية، لكنهم لا يملكون ولا يعرفون الإنسانية".
حملة قمع ضد النشطاء على الإنترنت
وتُعد زينب موسوي من أولى النساء اللاتي برزن في مجال الكوميديا الارتجالية في إيران، وحققت شهرة واسعة عبر شخصية "الإمبراطور كوزكو"، وتم اعتقالها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بعد نشر فيديو ساخر حول الصراع بين إسرائيل وحماس، لكنها أُفرج عنها بعد بضعة أيام. قبل أن تحال قضيتها إلى محكمتي الثورة والجنح في طهران.
وجاء اعتقالها بعد أن سخرت في هذا الفيديو من بعض الأشخاص، الذين طلبوا التوجه إلى غزة للقتال ضد إسرائيل، لكنها أوضحت، بعد الإفراج عنها، أن "تصريحاتها حول الشهداء أُسيء تفسيرها".
كما كانت موسوي قد اعتُقلت سابقًا في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، خلال الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الإيراني في مدينة قم، وأُفرج عنها لاحقًا بكفالة، بعد أن قضت 25 يومًا في الحبس الانفرادي، وحُكم عليها بالسجن لمدة عامين.
وبعد الإفراج عنها، أنشأت موسوي حسابًا جديدًا على "إنستغرام"؛ حيث استمرت في نشر مقاطع فيديو تنتقد الأوضاع في إيران، وتعلق على الأحداث الجارية بأسلوب ساخر.
تجنب الرئيس الإيراني، مسعود بزشكیان، في كلمته بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد، الإشارة إلى الفصل الواسع والتعسفي للأساتذة والطلاب لأسباب سياسية، على الرغم من أنه كان يثير هذه القضية باستمرار، أثناء حملاته الانتخابية، كما نفى ما ذكره وزير العلوم بشأن نقص ميزانية الجامعات.
وقد أقيمت المراسم الرسمية لافتتاح العام الدراسي، اليوم السبت، 12 أكتوبر (تشرين الأول) في جامعة طهران، بحضور الرئيس الإيراني، ووزير العلوم والبحوث والتكنولوجيا، حسين سيميائي صراف.
وجاء صمت بزشكیان بشأن الأساتذة والطلاب المفصولين، في حين أنه طالب سابقًا، خلال مراسم تنصيب الوزير الجديد للعلوم، بعودة الطلاب المطرودين وإعادة النظر في ملفات الأساتذة المفصولين.
وبعد ساعات من تصريحات بزشكیان، رد مصطفى رستمي، رئيس ممثلية المرشد في الجامعات، بشكل غير مباشر، وأوضح أن مثل هذا الطلب سيُرفض من قِبل سلطات النظام التنفيذية.
وفي الأيام التالية لهذه التصريحات، تم إصدار أحكام حرمان من الدراسة لاثنين من الطلاب الآخرين.
رفض تصريحات الوزير
قال بزشكيان، في كلمته، اليوم السبت، دون أن يذكر اسم وزير العلوم: "أحد الأحبة ذكر أن الجامعات تعاني نقص الموارد، لكن هل الحكومة هي المسؤولة عن تأمين تلك الموارد، أم إن للجامعات مصادر دخل خاصة؟ الإجابة هي كلاهما، والغالب أن الجامعات لديها دخل خاص، وإذا أردنا معالجة مشاكلنا، فإن على الأساتذة الجامعيين أن يساعدونا في ذلك، من خلال توقيع عقود والعمل على فتح الأبواب المغلقة".
وأضاف: "يمكن لكل أستاذ جامعي فتح باب مغلق؛ سواء في الاقتصاد أو الزراعة أو الصناعة أو الثقافة أو الاجتماع... إذا كانت لدينا مشكلة في المجتمع، فعلينا أن نرى إذا كان لدينا أستاذ يمكنه حل مشكلتنا في هذا النظام الإداري، لنوقع معه عقدًا لحل مشكلتنا".
تأتي هذه التصريحات، ردًا على حديث وزير العلوم والبحوث والتكنولوجيا، حسين سيميائي صراف، الذي قال: "إن ميزانية الجامعات ومراكز التعليم لدينا أقل من ميزانية جامعة واحدة مرموقة في العالم".
كما أضاف أن "إجمالي ميزانية التعليم العالي أقل من ثلاثة في المائة من ميزانية الدولة، وإذا أخذنا بعين الاعتبار القيمة بالعملات الأجنبية، فإنها أقل من 50 في المائة مقارنة بسنة 2011".
وقد أدى تجاهل الحكومة لوضع الجامعات، خلال السنوات الأخيرة، جنبًا إلى جنب مع قمع الاحتجاجات العمالية والمدنية للطلاب، إلى تدهور جودة التعليم الجامعي وهجرة واسعة للطلاب.
وأشار الوزير إلى موجة من الهجرة، قائلاً: "إذا تم تأمين الموارد المالية لهذا البرنامج الذي أعده البرلمان، فسنصل إلى نمو علمي وطفرة علمية. كما يمكننا أن نمنع الهجرة ونزعم أننا أعددنا حياة كريمة للمجتمع الأكاديمي".
وسبق أن وعدت حكومة الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، في عام 2013 بإعادة الطلاب المفصولين من الدراسة، ولكن عندما أراد هؤلاء الطلاب العودة إلى جامعاتهم، واجهوا منعًا من الجهات الأمنية، التي اشترطت الحصول على تعهد خطي أو وثيقة توبة قبل السماح لهم بالعودة.
وقبل ذلك، أشار مصطفى معین، وزير العلوم في حكومة الرئيس الأسبق أيضًا، محمد خاتمي، في استقالته، إلى إدارة الجامعات بواسطة مؤسسات تقع تحت إشراف خامنئي، وغياب القدرة على تغيير الوضع؛ مشيرًا إلى "التدخلات والاعتداءات من قِبل المؤسسات والمجالس غير المسؤولة أو غير القابلة للمساءلة".
كما أعلن محمد مقيمي، رئيس جامعة طهران السابق، في حكومة الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، زيادة قبول أفراد "الحشد الشعبي"، الذين هم من القوات الوكيلة للنظام الإيراني في العراق، مشيرًا إلى أن هؤلاء الأشخاص لا يتلقون تدريبًا عسكريًا في هذه الجامعة، بل يدرسون في مجال إدارة التعليم.
وفي نهاية يوليو (تموز) من العام الماضي، أصدر عدد من الطلاب الناشطين في جامعة طهران بيانًا، وصفوا فيه وجود قوات "الحشد الشعبي" وما شابهها في الجامعات الإيرانية بأنه "زحف نحو الجامعات"، مؤكدين أنهم سيقاومون قبولهم.
كما أشاروا إلى أن الجامعة أصبحت خالية من الطلاب بسبب "الحذف، والتعليق، والقمع"، وتحولت إلى مكان لوجود "أساتذة تابعين وميليشيا الباسيج"، والآن من المقرر أن تحل القوات المستعارة من المجموعات المسلحة العراقية مكان الطلاب.
مريم أكبري منفرد، واحدة من أقدم السجينات السياسيات في إيران، قضت 15 عاماً في السجن دون أن تحصل على يوم واحد من الإجازة. انتهت فترة محكوميتها في 11 أكتوبر في سجن سمنان، لكنها ستبقى في السجن بسبب حكم بالسجن لمدة عامين آخرين في قضية جديدة تم فتحها ضدها أثناء وجودها في السجن.
وكتب حسين تاج، محامي أكبري منفرد، في 11 أكتوبر (تشرين الأول) على حسابه في منصة "إكس" ("تويتر" سابقاً) أنه بعد 15 عاماً من السجن مع النفي، انتهت فترة سجن مريم أكبري منفرد دون أن تحصل على يوم واحد من الإجازة.
وأشار تاج إلى أنه خلال هذه السنوات، تم تشكيل عدة قضايا ضد موكلته، والتي أُغلقت بإعلان براءتها، ولكن القضية الأخيرة أدت إلى الحكم بسنتين من السجن دون تقديم أدلة كافية، مضيفاً أن مكان تنفيذ العقوبة لمدة العامين يجب أن يكون في طهران وفقًا للقانون.
وفي يوليو (تموز) الماضي، أكد هذا المحامي أن أكتوبر الحالي يشهد نهاية فترة سجن أكبري منفرد، وأفاد بأن موكلته قد حُكم عليها بسنتين من السجن في قضية أخرى، وأن "مكتب تنفيذ أوامر الإمام" قدّم طلباً لحجز ومصادرة ممتلكات عائلتها وأقاربها.
وأوضح تاج، في ذلك الوقت، أن القضية الجديدة لمريم أكبري منفرد أُحيلت إلى الدائرة السادسة من المحكمة الثورية، المختصة بالنظر في القضايا المتعلقة بالمادة 49 من الدستور، وتم تحديد موعد لمراجعة القضية في أغسطس (آب).
وتم اعتقال مريم أكبري منفرد في عام 2009، وحُكم عليها بالسجن لمدة 15 عاماً بتهمة "الإضرار بالأمن القومي". وأعدم النظام الإيراني ثلاثة من إخوتها وشقيقتها في الثمانينيات بتهمة "العضوية في منظمة مجاهدي خلق".
أكبري منفرد هي أم لثلاث بنات، وتعتبر بعد زينب جلاليان أقدم سجينة سياسية في إيران. وفي فبراير (شباط) 2021، تم نفيها إلى سجن سمنان بعد قضائها لسنوات في سجون رجائي شهر وكَرَج وقَرتشك وورامين وإيفين.
وذكرت منظمة "هرانا" أن هذه السجينة السياسية تعيش في سجن سمنان دون مراعاة لمبدأ فصل الجرائم وافتقار السجن إلى المرافق الصحية.
وفي يوليو 2023، أصدرت مجموعة من السجينات السياسيات وزميلات أكبري منفرد السابقات رسالة للاحتجاج على توجيه اتهامات جديدة ضدها، واصفات هذا الإجراء بأنه "انتقام من السلطة القضائية بسبب المطالبة بالعدالة"، وطالبوا بالإفراج الفوري وغير المشروط عنها.
كما أعربت منظمة العفو الدولية وغيرها من الهيئات الحقوقية مراراً وتكراراً عن احتجاجها على استمرار سجنها دون إجازة واحدة وحرمانها من الخدمات الطبية.
أعلنت منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)، اعتقال شان مكغوفرن، العضو البارز في عصابة كيناهان الأيرلندية للجريمة المنظمة، وأحد أخطر المجرمين المطلوبين على مستوى العالم، في الإمارات العربية المتحدة، وقد أفادت تقارير صحافية بوجود علاقات بين هذا التنظيم وإيران وحزب الله.
ووفقًا لتقارير "الإنتربول"، فإن هذا الرجل البالغ من العمر 38 عامًا، والذي يُعد أحد الأعضاء رفيعي المستوى في عصابة كيناهان الإجرامية، تم القبض عليه يوم الخميس 10 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بواسطة شرطة دبي.
وجاء هذا الاعتقال بعد صدور نشرة حمراء من منظمة الشرطة الجنائية الدولية، الخاصة بالمطلوبين دوليًا.
وقال يورغن ستوك، الأمين العام لـ"الإنتربول"، حول اعتقال هذا العضو البارز في "كيناهان": "تم القبض على أحد المجرمين المطلوبين من قِبل أيرلندا، بفضل الجهود المشتركة للسلطات الأيرلندية والإماراتية". وأضاف أن "حالات من هذا القبيل تؤكد قيمة التعاون بين الشرطة الدولية، وتظهر مرة أخرى أنه لا يمكن لأي هارب أن يظل محصنًا من العدالة".
وأضاف ستوك: "مكغوفرن، المتهم بجرائم تشمل القتل وقيادة مجموعة إجرامية منظمة، في انتظار تسليمه إلى أيرلندا".
وفي 21 أبريل (نيسان) 2023، تم الإبلاغ عن أن قائد هذه العصابة الإجرامية، دانيال كيناهان، فر إلى إيران؛ هربًا من الاعتقال والتسليم.
وقد أفادت صحيفة "التايمز" البريطانية، في 13 مايو (أيار) 2023، بوجود علاقات بين عصابة كيناهان وإيران وحزب الله.
وبحسب تقرير "التايمز"، فقد استخدمت عصابة كيناهان النظام المالي السري لحزب الله لدفع أموال إلى مجموعات إجرامية مختلفة، بما في ذلك كارتلات المخدرات في أميركا الشمالية.
وأشار التقرير إلى أن عصابة كيناهان قامت أيضًا بشراء طائرات مستعملة وقطع غيارها للجيش الإيراني من دول أفريقية وأميركا الوسطى من خلال مستندات مزيفة وشركات خارجية.
وذكرت "التايمز"، في العام الماضي، أن ضباط مكافحة الإرهاب البريطانيين كشفوا أن الشرطة والمخابرات أحبطت 15 مؤامرة إيرانية لاختطاف أو قتل "معارضي النظام".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا جاء بعد أن أغلقت قناة "إيران إنترناشيونال" استوديوهاتها في لندن، بناءً على توصية من الشرطة البريطانية، التي قالت إنها لا تستطيع ضمان أمن موظفي هذه القناة، بعد تلقيهم تهديدات من طهران.
وتم الحصول على الأدلة الأولى حول صلة عصابة كيناهان بطهران وحلفائها في عام 2016، عندما تم التعرف على نوفل فصيح، وهو مجرم هولندي من أصل مغربي، بشقة في العاصمة الأيرلندية، دبلن، تحت اسم مستعار هو عمر قزواني.
ويبدو أن فصيح، الذي يبلغ من العمر 42 عامًا، كان تاجر مخدرات في الشارع ولكنه حقق ثروة. وفي ذلك الوقت، أخبرت "الإنتربول" أجهزة الأمن الأيرلندية بأن فصيح كان مطلوبًا.
وكان الهولنديون يبحثون عنه لصلته باغتيال محمد رضا كلّاهى صمدى عام 2015، وهو معارض إيراني يبلغ من العمر 56 عامًا، حُكم عليه بالإعدام من قِبل نظام طهران.
وكان صمدي متهمًا من قِبل النظام الإيراني بالضلوع في تفجير مقر حزب "جمهوري إسلامي" في طهران عام 1981، وكان يعيش مع زوجته وعائلته في هولندا.
وتوصل جهاز الأمن الهولندي إلى أن اغتيال صمدي كان واحدًا من عمليتين سياسيتين نفذتهما إيران على الأراضي الهولندية. وأظهرت هذه الاغتيالات والتحقيقات المماثلة أن طهران كانت ضالعة في خطة تفجير في باريس، ومؤامرة اغتيال تم إحباطها في الدنمارك.
وأدت جرائم النظام الإيراني هذه إلى فرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي على طهران، عام 2019.
وقامت أجهزة الأمن في أوروبا، خلال السنوات الأخيرة، بإجراء تحقيقات واسعة حول استخدام إيران للعصابات الإجرامية لاستهداف معارضيها.
وقد ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، مؤخرًا، أن النظام الإيراني، الذي لديه تاريخ في استخدام عصابات إجرامية، لمهاجمة أهداف معينة في الدول الغربية، لا يزال يسعى إلى استخدام هذه الجماعات لاستهداف مصالح إسرائيل في جميع أنحاء العالم.
نشرت مجلة "بوليتيكو" الأميركية تقريرًا مفصلاً، تناول محاولات إيران لقتل دونالد ترامب، ومسؤولين عسكريين وحكوميين أميركيين آخرين، مشيرة إلى أن المسؤولين في الولايات المتحدة باتوا يدركون أن "تهديدات طهران المتكررة ليست فارغة، وأنها لن تتراجع قريبًا".
وبدأت طهران في توجيه تهديدات شديدة ضد الرئيس الأميركي السابق، وكل من شارك في تشكيل استراتيجيته للأمن القومي، منذ ديسمبر (كانون الأول) 2019، عندما أمر ترامب بشن غارة بطائرة مسيّرة استهدفت قاسم سليماني، قائد فيلق القدس وأقوى قائد عسكري في إيران آنذاك، وقد نشرت طهران مقاطع فيديو تتعهد فيها بقتل ترامب وكل من ساعد في التخطيط للهجوم، الذي أدى إلى مقتل سليماني.
وقد مرر مسؤولو الاستخبارات الأميركية معلومات لحملة ترامب الانتخابية، حول تهديدات بالقتل موجهة إليه من قِبل إيران، خلال الشهر الماضي، كما أعلنت حملة المرشح الحالي للانتخابات الرئاسية الأميركية تلقيها تحذيرات بأن التهديد قد تصاعد "خلال الأشهر القليلة الماضية".
وقد جاءت هذه الإحاطة بعد محاولتين فاشلتين لاغتيال ترامب في الصيف الماضي، رغم عدم وجود دليل يربط هاتين المحاولتين بطهران.
وذكرت "بوليتيكو"، في تقريرها أن "12 مسؤولاً أميركيًا مطلعًا أفادوا بأن جهود النظام الإيراني لقتل ترامب ومسؤولين كبار سابقين، تورطوا في مقتل سليماني، كانت أوسع وأكثر عدوانية مما كان يُعتقد سابقًا".
وقال مت أولسن، مساعد المدعي العام للأمن القومي بالولايات المتحدة: "هذه التهديدات خطيرة للغاية. إيران أعلنت بوضوح عزمها الانتقام من المسؤولين، الذين شاركوا في مقتل سليماني".
وذكرت "بوليتيكو" أنه في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة الأميركية جهودًا غير مسبوقة لحماية العديد من هؤلاء المسؤولين، فإن البعض منهم يواجه تهديدات مماثلة، ولكنهم لا يحصلون على الدعم الحكومي.
وتحدثت "بوليتيكو" مع 24 شخصًا كانوا على دراية مباشرة بهجوم سليماني أو التهديدات التي أعقبته، بمن في ذلك نواب حاليون وسابقون في الكونغرس الأميركي، وعملاء في الخدمة السرية، ومساعدون في الكونغرس أيضًا، ومسؤولون أميركيون كبار. ولم يرغب بعض هؤلاء الأشخاص في ذكر أسمائهم؛ بسبب استمرار التهديدات أو حساسية وظائفهم.
ووفقًا لما ذكرته "بوليتيكو"، فإن هؤلاء قدموا صورة جماعية لتهديد إرهابي أوسع وأكثر خطورة من مجرد مقاطع الفيديو أو التصريحات القاسية أو المنشورات المهددة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي مقابلاتهم مع "بوليتيكو"، شرح هؤلاء الأفراد تفاصيل المحاولات لاختراق ومراقبة المسؤولين السابقين وأفراد عائلاتهم، وتحذيرات شخصية من مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن تهديدات جديدة من إيران، بالإضافة إلى نقاشات متوترة ومتزايدة حول كيفية حماية هؤلاء الأشخاص في ظل المؤامرات المستمرة، ومحاولات مشتبهين إيرانيين لملاحقة مسؤول أميركي، أثناء سفره إلى الخارج.
ويرى العديد من الأشخاص، الذين تحدثوا إلى "بوليتيكو"، أن الحكومة الأميركية ما زالت تواجه تهديدات إيران، ولم تتمكن بعد من وضع حل دائم لحماية جميع الأشخاص المهددين، مما يتيح لطهران فرصة تنفيذ تهديداتها.
وقالت ميغان ريس، المستشارة السابقة للسيناتور الجمهوري، ميت رومني من ولاية يوتا، والتي ناقشت في الكونغرس تهديدات إيران: "العديد من الأشخاص، الذين ربما يُعتبرون أهدافًا مهمة جدًا لم يتلقوا تقريبًا أي دعم".
وخصص المشرعون الأميركيون، في الآونة الأخيرة، ميزانية إضافية لدعم وزارتي الدفاع والخارجية لتوفير حماية غير مسبوقة لبعض المسؤولين السابقين؛ حيث إن تهديدات إيران بقتل هؤلاء الأفراد تكلف الحكومة الفيدرالية نحو 150 مليون دولار سنويًا.
ووفقًا لـ"بوليتيكو"، فإن العديد من المسؤولين السابقين في مجلس الأمن القومي، الذين يعتقد بعضهم أنهم مدرجون في قائمة اغتيالات إيران، يعملون بشكل مستقل. هؤلاء يعتقدون أنه يجب على الخدمة السرية حمايتهم؛ لأنهم عملوا لصالح البيت الأبيض، لكن هذا لم يحدث من قبل ولا يحدث حاليًا.
وذكرت "بوليتيكو" أن بعض هؤلاء المسؤولين ينفقون مئات الآلاف من الدولارات سنويًا لحماية أنفسهم وعائلاتهم. وقد امتنعت الخدمة السرية عن الرد على طلبات التعليق من "بوليتيكو".
وصرح شون ساوث، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، بأن إدارة بايدن تعتبر تهديدات إيران "أولوية قصوى للأمن الوطني والداخلي". وأضاف ساوث أن إيران ستواجه "عواقب وخيمة" إذا هاجمت أي مواطن أميركي، بمن في ذلك أولئك الذين خدموا في الحكومة.
وحتى اغتيال مسؤول أميركي أقل رتبة من الرئيس السابق يمكن أن يؤدي إلى أزمة خطيرة بين البلدين، إذ قال النائب الديمقراطي، جيم هايمز: "ستعتبر الحكومة الأميركية هذا العمل عدائيًا في الوقت الحالي، لا أعلم كيف سيكون رد فعلنا على مثل هذا الحدث، لكنني أعلم أن ذلك اليوم لن يكون يومًا سعيدًا بالنسبة للنظام الإيراني".
مخاطرة اغتيال سليماني
ذكرت "بوليتيكو" أن إدارة ترامب كانت على علم بأن مقتل سليماني سيثير انتقامًا شديدًا؛ حيث كان سليماني، الذي قاد فيلق القدس، الذراع العسكرية للنظام الإيراني، ومهندس الحروب التي خاضتها طهران عبر وكلائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كما كان أحد المقربين من المرشد علي خامنئي، أقوى شخصية في النظام الإيراني.
وقال علي واعظ، الخبير في الشؤون الإيرانية بمجموعة الأزمات الدولية، لـ"بوليتيكو": "كان سليماني بمثابة ابن للمرشد". ووصف علي واعظ الهجوم الأميركي على قاسم سليماني بأنه "انتهاك استثنائي" لسيادة إيران. وبينما تصنف الولايات المتحدة "فيلق القدس" منظمة إرهابية، يُعتبر هذا الفيلق في إيران جزءًا رسميًا من القوات المسلحة الإيرانية، ووفقًا لقول واعظ: "من وجهة نظرهم، لا يمكن السماح بأن تمر جريمة قتل أكبر قائد عسكري لديهم دون عقاب".
وخلص مسؤولو "البنتاغون"، في عهد ترامب، إلى أن قاسم سليماني كان مسؤولاً عن مقتل أو إصابة الآلاف من الأميركيين، خلال حرب الولايات المتحدة في العراق. وقال التقرير إن الضربة الجوية التي أمر بها ترامب على سليماني وتسعة آخرين من الميليشيات المدعومة من إيران "أوقفت خططًا نشطة" لقتل المزيد من الأميركيين.
وعلى الرغم من المخاوف من اندلاع حرب شاملة، كان الرد الأولي لإيران على الهجوم هادئًا نسبيًا، حيث أطلقت صواريخ باليستية على القوات الأميركية في العراق، ولم تسفر عن مقتل أي جنود أميركيين.
وقد دفع هذا الاعتقاد لدى ترامب وأنصاره بأن إيران قد تراجعت عن المواجهة، لكن الميليشيات الموالية لطهران استمرت في شن هجمات على القوات الأميركية في العراق عدة أشهر بعد الهجوم، مما أدى إلى تهديد وزير الخارجية آنذاك، مايك بومبيو، بإغلاق السفارة الأميركية في بغداد.
وفي هذا الوقت، وفقًا لتقرير" بوليتيكو"، بدأت إيران في وضع خطط لتعقب واستهداف بعض المسؤولين الكبار في إدارة ترامب، وأشار عدد من المصادر إلى أن الاستخبارات الأميركية لم تتوقع أن تحاول إيران الانتقام بمهاجمة مسؤول أميركي، لكن التقييمات الأميركية أكدت أن طهران بدأت فورًا في التحضير لهذا الانتقام بعد مقتل سليماني.
وبمرور الوقت، أصبحت تهديدات طهران أكثر وضوحًا، حيث نشر المرشد الإيراني، علي خامنئي، بعد عام من مقتل سليماني، رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي تقول: "يجب معاقبة من أمروا بقتل سليماني، ومن نفذوا الجريمة، وسيتم الانتقام في الوقت المناسب".
وأشار العديد من الأشخاص، الذين تحدثوا إلى "بوليتيكو"، إلى أن إيران تفتقر إلى فرق اغتيالات متقدمة، وربما لن تتمكن من الوصول إلى شخصية محمية جيدًا داخل الولايات المتحدة. لكن محاولتي اغتيال فاشلتين استهدفتا ترامب في صيف هذا العام أثارتا التساؤلات حول قدرة الحكومة الأميركية على حماية كبار مسؤوليها السابقين.
وفي هذا السياق، وصف مسؤول كبير سابق في إدارة ترامب التهديدات الإيرانية بأنها غير مسبوقة؛ حيث لم يسبق أن تعرض مسؤول أميركي رفيع لهذا النوع من التهديدات المباشرة من قِبل دولة معادية.
كما أشار بعض المسؤولين السابقين إلى الجهود المستمرة، التي تبذلها إيران لمراقبة مسؤولين أميركيين سابقين، بما في ذلك تتبع خطط سفرهم وجدولهم اليومي، وهي محاولات تُنفذ في الغالب عبر الإنترنت، لكنها لا تقتصر عليهم.
وأوضحت مصادر "بوليتيكو" أن مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" نظم جلسات توجيهية للأشخاص، الذين استهدفتهم التهديدات، لتعريفهم بالتهديدات وتعليمهم كيفية حماية أنفسهم. وأضاف مسؤول سابق في "البنتاغون": "الإيرانيون ليسوا بارعين، لكنهم شديدو الإصرار. وبالطبع، هم بحاجة فقط إلى أن يكونوا محظوظين مرة واحدة".
رغم ذلك، لا يزال من غير الواضح متى وكيف قد تسعى إيران للانتقام. وتحدث أربعة أشخاص لـ"بوليتيكو" عن مثال سلمان رشدي، الذي تعرض لمحاولة اغتيال بعد أكثر من 30 عامًا على صدور فتوى بإعدامه من قِبل المرشد السابق لإيران، ردًا على كتابه المثير للجدل "آيات شيطانية"، وقد أدى الهجوم إلى إصابة رشدي بجروح خطيرة وفقدان إحدى عينيه.
ووصف مسؤول كبير سابق في الأمن القومي الأميركي هذه الفتاوى بأنها "مدى الحياة"، مؤكدًا أن "التهديدات من إيران لا تزال قائمة".
وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على مقتل قاسم سليماني، لا تزال آثار هذا القرار تهيمن على دائرة الأمن القومي في واشنطن. وإلى جانب ترامب، الذي يتمتع بحماية جهاز الخدمة السرية بصفته رئيسًا سابقًا، هناك حماية خاصة لعدد من الجنرالات والدبلوماسيين والمستشارين المدنيين السابقين في البيت الأبيض.
ووفقًا لتقرير "بوليتيكو"، تشمل قائمة الأشخاص المهددين من إيران، والمحميين من قِبل الحكومة الفيدرالية، كلاً من وزير الدفاع الأميركي السابق مارك إسبر، ورئيس هيئة الأركان المشتركة السابق مارك ميلي، ورئيس وكالة الأمن القومي السابق بول ناكاسون، وقائد القيادة المركزية الأميركية السابق كينيث ماكنزي، ووزير الخارجية السابق مايك بومبيو، والمبعوث الخاص السابق لشؤون إيران، براين هوك.
كما فرضت إيران عقوبات مالية رمزية على أكثر من 50 مسؤولاً سابقًا في إدارة ترامب، وأصدرت "إشعارات حمراء" إلى "الإنتربول" للمطالبة باعتقالهم.
ويعتقد البعض أن تهديد إيران يشكل خطرًا كبيرًا على مجموعة من المسؤولين الأميركيين، الذين ظهرت صورهم إلى جانب صورة دونالد ترامب في فيديو دعائي، نُشر عبر حساب مرتبط بالحرس الثوري الإيراني في ديسمبر (كانون الأول) 2022 على وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث كان هناك تهديد ووعيد بالانتقام من "المسؤولين عن استشهاد قاسم سليماني" في هذا الفيديو.
ويظهر في هذا الفيديو اثنان من المسؤولين، الذين لا يزالون في مناصب حكومية، بينما تقاعد ثلاثة آخرون، لكنهم جميعًا يتلقون خدمات حماية وأمن حكومي. وأفاد بعض هؤلاء المسؤولين لـ"بوليتیكو" بأن هناك أربعة أشخاص آخرين ظهروا أيضًا في الفيديو، لا يحظون بأي حماية حكومية، رغم تلقيهم ما لا يقل عن تحذيرين من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بشأن التهديدات الإيرانية، وهؤلاء الأربعة كانوا يعملون في مجلس الأمن القومي الأميركي.
الجدير بالذكر أن الغالبية العظمى من المسؤولين، الذين يحظون بحماية حكومية كانوا يعملون في وزارتي الدفاع والخارجية اللتين حصلتا في السنوات الأخيرة على ميزانية إضافية من الكونغرس لتعزيز قدراتهما على مواجهة التهديدات الإرهابية الإيرانية.
كما خصص المشرعون الأميركيون 40 مليون دولار لوزارة الخارجية، مؤخرًا، لحماية وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو، والمبعوث الخاص السابق لشؤون إيران، براين هوك، كما دعّم الكونغرس وزارة الدفاع (البنتاغون)، لزيادة قدرتها على تعويض المسؤولين السابقين، الذين يحتاجون إلى حماية أو تمديدها، طالما استمرت التهديدات الإيرانية. ويُقدر أحد المساعدين بـ"الكونغرس" أن هذه التدابير تُقدر بنحو 100 مليون دولار سنويًا.
ويجادل البعض بأن إيران لن تكتفي إلا باغتيال شخصية تعتبر معادلة لسليماني، وأن المسؤولين، الذين تم تهديدهم لا ينبغي أن يشعروا بالخوف المفرط على حياتهم. ومع ذلك، أعربت "بوليتیكو" عن قلقها من غياب الحماية عن المسؤولين السابقين في مجلس الأمن القومي، خاصة أن هؤلاء كانوا من بين الأقرب إلى الملفات الحساسة المتعلقة بإيران.
وظهر أول مؤشر علني على رغبة إيران في اغتيال مسؤول أميركي سابق، عندما تم الكشف عن مخطط لاغتيال جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس ترامب.
وعلى الرغم من أن بولتون ترك منصبه قبل اغتيال سليماني، فإنه كان واحدًا من أبرز المؤيدين لسياسات التصعيد ضد إيران، وغالبًا ما عبّر عن مواقفه الحادة ضد النظام الإيراني في وسائل الإعلام.
وفي ديسمبر 2021، قامت إدارة بايدن بتمديد خدمات الحماية لتشمل بولتون، لكنها تأخرت قليلاً في هذا القرار، ووفقًا لدعوى جنائية قدمتها وزارة العدل لاحقًا، بدأ أحد أفراد الحرس الثوري الإيراني في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام بالبحث عن أشخاص يمكنهم تنفيذ عملية اغتيال بولتون داخل الولايات المتحدة.
وفي يونيو (حزيران) 2022، كان روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي لترامب خلال فترة اغتيال سليماني، في باريس لتسلم جائزة من الحكومة الفرنسية. ووفقًا لمسؤول سابق في جهاز الخدمة السرية وشخصين آخرين مطلعين على القضية، لاحظ عملاء الخدمة السرية في ذلك الوقت شخصين من الشرق الأوسط يراقبان أوبراين في باريس، في إحدى المرات، تم سحب أوبراين من اجتماع في فندق ريتز وإعادته إلى غرفته لحمايته.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت التهديدات ضد أوبراين قد تراجعت منذ ذلك الحين، لكنه لم يعد يتلقى حماية حكومية، ما أثار انتقادات، بما في ذلك من قِبل مايك ترنر، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب.
تصاعد التهديدات ضد ترامب
وأفاد تقرير "بوليتیكو" بأن هناك اعتقادًا متزايدًا بأن الخطر، الذي تشكله إيران على ترامب آخذ في التصاعد.
وأعلنت وزارة العدل، في يوليو (تموز) من هذا العام، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي اعتقل عميلاً إيرانيًا كان قد دخل إلى الولايات المتحدة بهدف ترتيب اغتيال "شخصية سياسية"؛ انتقامًا لمقتل قاسم سليماني. وهذا الشخص مواطن باكستاني كان على اتصال مع الحرس الثوري الإيراني.
وفي بيان له، قال السيناتور الجمهوري، ماركو روبيو، وهو عضو بارز في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ: "لا شك أن تهديد النظام الإيراني لاستهداف ترامب أصبح أكثر واقعية من أي وقت مضى".
وطلبت حملة ترامب الانتخابية، يوم أمس 11 أكتوبر (تشرين الأول)، من السلطات الأميركية فرض تدابير حماية إضافية، تشمل نشر طائرات عسكرية وفرض قيود على الطيران في محيط التجمعات والمقرات، التي يوجد فيها الرئيس السابق، وذلك بسبب التهديدات الإيرانية.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، أدريان واتسون، في تعليق له: "أمر الرئيس جو بايدن جهاز الخدمة السرية باستخدام كل الموارد والقدرات والإجراءات الأمنية الضرورية لحماية الرئيس السابق".
وأضافت إدارة بايدن أنها وجهت تحذيرات لطهران تطالبها بالامتناع عن تنفيذ أي مخططات تستهدف ترامب أو أيًا من المسؤولين الأميركيين السابقين.
وفي ختام تقريرها، تناولت "بوليتیكو" قضية المسؤولين الآخرين- مثل روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي لترامب- الذين لا يتلقون حماية حكومية، ويضطرون لدفع مئات الآلاف من الدولارات سنويًا؛ لحماية أنفسهم وأسرهم من التهديدات الإيرانية.