بعد انتخابه رئيسًا لإيران.. بزشكيان بين وعود انتخابية وتحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية
انتُخب مسعود بزشكيان رئيسًا تاسعًا لإيران، بعد إعلان النتائج الرسمية للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2024، وكان المرشح المدعوم من الإصلاحيين، كغيره من المرشحين، يواجه هموم المواطنين في مجالات الاقتصاد والمعيشة والقضايا الثقافية والاجتماعية.
ولم يقدم بزشكيان وعودًا محددة، في مناظراته، مثل الرئيسين السابقين حسن روحاني أو إبراهيم رئيسي، وركز معظم دعايته الانتخابية على انتقاد الوضع الحالي والحكومات السابقة.
ويتناول هذا التقرير بعضًا من أهم وعوده الانتخابية:
بزشكيان والسياسة والاقتصاد
كانت أولوية وعود بزشكيان في المجال الاقتصادي، خلال برامج دعايته الانتخابية هي الابتعاد عن الاقتصاد الحكومي.
وقال إنه سيقيّم العلاقات المالية الدولية لإيران، بمساعدة الخبراء الاقتصاديين، لكنه لم يوضح المزيد عن كيفية تقييم هذه العلاقة.
- الاتفاق النووي: وعد بزشكيان بمناقشة الاتفاق النووي مع اللجنة الأمنية التابعة للبرلمان الإيراني ومجلس الأمن (ربما كان يقصد المجلس الأعلى للأمن القومي) للتوصل إلى اتفاق مشترك.
- العقوبات: أكد بزشكيان عدة مرات أهمية رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران، خلال حملاته الانتخابية، لكنه قال في المناظرة الانتخابية الثانية من جولة الإعادة: "ليس من المقرر أن نلغي جميع العقوبات، لكن علينا أن نرى ما نعطيه وما نأخذه".
- مجموعة العمل المالي: إن العقدة الرئيسة في العلاقة المالية الطبيعية لإيران مع العالم هي إدراج اسمها على القائمة السوداء للمجموعة الخاصة بالإجراءات المالية لمكافحة غسيل الأموال، المعروفة باسم مجموعة العمل المالي (FATF).
وكان أحد الوعود الرئيسة لبزشكيان محاولة الخروج من هذه القائمة، ولم يقدم حلًا محددًا للخروج من هذا الوضع، لكنه قال: "مجموعة العمل المالي مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم الدولي (الفيفا)، إذا لم نقبل به، فلن نتمكن من دخول المباريات الدولية. والبنوك لا تتعامل معنا بسبب ذلك".
- النمو الاقتصادي: اعتبر بزشكيان أن النمو الاقتصادي بنسبة 8 بالمائة، وفق خطة التنمية، يعتمد على جذب 200 مليار دولار سنويًا من رؤوس الأموال الأجنبية، وبحسب قوله فإن هذه القيمة سيتم تحقيقها سنويًا من خلال فتح الحدود وإقامة العلاقات مع حكومات المنطقة.
- تحرير سعر الصرف: يرى مرشح التيار الإصلاحي، أنه على الحكومة أن تدفع العملة الرسمية فقط لقطاع الأدوية والسلع الأساسية، ووفقًا لقوله: يجب أن يكتشف السوق سعر العملة دون تدخل الحكومة في القطاعات الأخرى.
- الدعم النقدي: نفى بزشكيان، خلال المناظرات الانتخابية، تصريحاته السابقة عن الدعم النقدي؛ حيث قال عام 2017 في جامعة قم للعلوم الطبية: "إن الدعم النقدي بنسبة 45 ألف تومان لكل فرد سحق ظهر البلاد"،
وفيما يتعلق بدفع الإعانات النقدية، اكتفى خلال الحملة الانتخابية بالقول إن دفع الإعانات يجب أن يتم بشكل عادل، ولم يتخذ بزشكيان موقفًا واضحًا من الدعم النقدي، ولم يعلن رقمًا محددًا.
وكانت لديه تصريحات عامة وغير قابلة للقياس حول الإعانات، ومنها: "سآخذ الدعم من الأغنياء وأعطيه للفقراء".
- البنزين: تحدث علي عبد العلي زاده، رئيس المقر الانتخابي لبزشكيان، عن زيادة سعر البنزين رسميًا، في الجولة الثانية من الانتخابات، وزاد على ذلك ذاكرًا السعر المحتمل قائلًا: "يقول الخبراء إن سعر البنزين يجب أن يكون 50 ألف تومان؛ أليس كذلك؟".
ولم ينكر بزشكيان زيادة أسعار البنزين، لكنه في مناظرة الأول من يوليو (تموز) 2024، أكد أنه لن يفعل ذلك دون موافقة الشعب.
- السيارات: صرح بزشكيان، خلال المناظرة الثانية من جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، قائلًا: "سأحرر استيراد السيارات".
- الأجور والرواتب: أشار الرئس المنتخب المدعوم من الإصلاحيين إلى عدم زيادة الأجور والرواتب في حكومتي روحاني ورئيسي، بما يتناسب مع معدل التضخم، ووعد ضمنيًا بزيادة الأجور والرواتب بما يتناسب مع معدل التضخم.
- تخفيض الضرائب: وعد بزشكيان في خطاب له بسوق شوش في طهران، بعدم تحصيل الضرائب من الأشخاص الذين يتعرضون للضغوط الاقتصادية.
كما وعد مستشاره الاقتصادي، علي طيب نيا، بزيادة حد الإعفاء الضريبي في الحكومة القادمة.
- التوظيف: انتقد بزشكيان، في حملاته الانتخابية، مرارًا وتكرارًا، التوظيف وفقًا للاتجاهات السياسية، وأشار ضمنًا إلى أن التوظيف في إدارته سيكون "على أساس الجدارة" و"ليس القرب السياسي" منه.
- الشفافية: انتقد بزشكيان في الجولة الأولى من الانتخابات، أثناء حديث له مع مجموعة من الإصلاحيين، المحسوبية واحتكار المعلومات، الأكثر أهمية في سوق الأوراق المالية، وقال في 11 يونيو (حزيران) 2024: "من الظلم احتكار المعلومات لدى طرف معين، ولا تتوافر هذه المعلومات لدى الآخرين، يجب أن تكون المعلومات شفافة وحرة ومتاحة حتى يتمكن الجميع من استخدامها".
- البورصة: وعد بزشكيان، في حملته الانتخابية، بوقف تدخل الحكومة في سوق الأوراق المالية، وقال إنه سيعيد الاستقرار إلى بورصة طهران، ولن يسد عجز ميزانية الحكومة من البورصة.
- الإسكان: انتقد بزشكيان، ورئيس حملته الانتخابية، خططًا مثل خطة "مهر" للإسكان، كما أنهما ليس لديهما أي خطة خاصة للإسكان المدعوم حكوميًا، وبدلًا من ذلك يعتقدان أن الحكومة لا ينبغي أن تدخل هذا المجال.
- التضخم: أكد الرئيس التاسع لإيران في حملته الدعائية، مثل جميع المرشحين الآخرين، ضرورة السيطرة على التضخم، ولم يقدم حلًا محددًا للسيطرة على التضخم، لكنه اعتبر أن أسباب التضخم الحالي هي طباعة النقود، وعجز الموازنة، وعدم التوازن المالي.
وبذلك، عليه أن يتبنى سياسة جديدة تجاه هذه المجالات الثلاثة للسيطرة على التضخم.
بزشكيان والقضايا المجتمعية
كانت قضية "الحجاب الإجباري"، إحدى القضايا المركزية في الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة الإيرانية، وهو الموضوع الذي حظي باهتمام أكبر، خاصة بعد أحداث عام 2022.
- الحجاب الإجباري: لم يقدم بزشكيان وعودًا صريحة، بشأن دوريات شرطة الأخلاق، بل أطلق تلميحات وانتقادات غير مباشرة، وردًا على أحد مناصريه، الذي طلب منه تقديم ضمانة لمواجهة "دورية شرطة الأخلاق"، كتب بزشكيان على منصة (X): "أضمن أن الحكومة بأكملها ستقف ضد الدوريات الإجبارية".
ووصف خطة نور (خطة الشرطة لتكثيف دوريات شرطة الأخلاق) بالخطة السوداء، وقال في برنامج دعاية له: "كل عائلتي ترتدي الحجاب. زوجات أبنائي وأخواتي يرتدين الحجاب"، لكنه أضاف: "لا يمكن إجبار النساء على ارتداء الحجاب".
وقال بزشكيان، في إحدى المناظرات: "إذا كانت هناك مشكلة، فنحن الذين قمنا بتعليم الفتيات والنساء في إيران. وبدلًا من انتقاد أنفسنا، ننتقدهن".
- الرقابة الثقافية: ليس لدى بزشكيان في مجال الثقافة أي مشكلة مع مبدأ الرقابة، الذي يسمى "التدقيق" في أدبيات نظام الجمهورية الإسلامية، وقال في المناظرة الثالثة من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية: "عمليات التدقيق يجب ألا تكون تعسفية، ويجب أن تكون شفافة ووفق قانون التدقيق".
- الفن: وعد بزشكيان في هذا المجال بإزالة العوائق التي دفعت الفنانين إلى إنتاج أعمال سرية بعيدًا عن المسارات الرسمية.
وقال أيضًا إنه سيعيد السلطة إلى دار السينما ودار المسرح، وهما منظمتان غير حكوميتين ونقابيتين في هذه المجالات.
- المرأة: وعد المرشح المدعوم من الإصلاحيين بترسيخ النظرة المتساوية إلى الرجل والمرأة منذ الطفولة، كما وعد بزشكيان بمتابعة مشروع قانون أمن المرأة، وقال إنه سيزيل النظرة الثانية للمرأة في تخصيص المناصب الحكومية.
- حجب الإنترنت: وعد بزشكيان بتطوير البنية التحتية للإنترنت في البلاد، قال إنه سيقف ضد حجب المواقع الإلكترونية، وبرامج رفع مراقبة الإنترنت.
وانتقد بيع برامج رفع الحجب في إيران، وقال إنه مع انتشار هذه البرامج، سيتم فقدان إمكانية مراقبة وتحديد مستخدمي الإنترنت، ومِن ثمّ سيصعب السيطرة عليهم.
وأشار إلى أنه في جميع دول العالم، يتم إغلاق الإنترنت أو السيطرة عليها في أوقات معينة، لكن في رأيه، يجب تقليل الحجب، خلال الظروف الطبيعية.
- التمييز التعليمي: انتقد بزشكيان تدني جودة التعليم بالمدارس العامة، في حملاته الانتخابية، ويعتقد أن 70 بالمائة من التلاميذ الذين يدرسون في المدارس العامة لا يصلون إلى الجامعة؛ بسبب افتقارها إلى المرافق.
- فصل الطلاب والأساتذة: قال الرئيس الإيراني، خلال تجمع انتخابي بملعب تختي في مدينة تبريز: "أنا أدافع عن حقوق الفتيات والنساء والأساتذة والطلاب، ولن أسمح بطرد الطلاب والأساتذة من الجامعة".
لقيت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، صدى مختلفاً في وسائل الإعلام الفرنسية، التي قامت بشكل خاص بتحليل آثار هذه الانتخابات على الاقتصاد الإيراني الخاضع للعقوبات والسياسة الخارجية، مؤكدة أن الإيرانيين ليسوا مهتمين باختيار "جلادهم" القادم.
وأكدت صحيفة "لوموند"، أهم الصحف الفرنسية، اليوم الجمعة، 5 یولیو (تموز)، في تقريرها عن الانتخابات الإيرانية، أنه مهما كانت نتيجة هذه الانتخابات، فإن منصب الرئيس في إيران يتمتع بصلاحيات محدودة.
ونظرًا لوجود سعيد جليلي في المرحلة الثانية من الانتخابات، فقد أولت وسائل الإعلام الفرنسية اهتمامًا أكبر بهذه الانتخابات، لأنها تعرفه مسبقًا بمواقفه غير المرنة في المفاوضات النووية.
ونقلت صحيفة "لوموند" تصريحات جليلي، الذي قال إن الاتفاق النووي ينتهك الخطوط الحمراء لطهران من خلال قبول "عمليات تفتيش غير عادية للمواقع النووية الإيرانية".
غير أن الصحيفة أكدت أنه "مهما كانت نتيجة تصويت اليوم، فإن الانتخابات ستكون لها آثار محدودة، لأن الرئيس في إيران مسؤول فقط عن تنفيذ الخطوط الرئيسة للسياسة التي يحددها المرشد الإيراني".
وتحدثت الإذاعة الرسمية الفرنسية، في تقرير لها، عن حالة سوق العاصمة طهران في خضم الانتخابات الرئاسية.
وذكرت أن سوق طهران يعتبر مقياسًا لسبر الوضع الاقتصادي في إيران، ونقلت عن صاحب متجر لبيع الملابس، قوله "إن الوضع التجاري في سوق طهران أصبح الآن مظلمًا، والسبب الرئيس لهذه الأجواء السيئة هو عدم اليقين تجاه مآلات الانتخابات الرئاسية".
وأضاف للإذاعة الفرنسية أن السياسة لها تأثير مباشر على الاقتصاد، وإذا سارت السياسة على ما يرام، فإن الأمور الأخرى ستسير على ما يرام.
وقالت مريم، وهي بائعة أخرى، لوسائل الإعلام الفرنسية، إنها تعتقد أن الناس ليس لديهم أمل في مستقبلهم.
أما مجلة "شارلي إيبدو" الأسبوعية الساخرة، التي أثارت في السابق جدلاً في الدول الإسلامية، بما في ذلك إيران، برسومها الكاريكاتورية، فقد تناولت الانتخابات الإيرانية في تقرير لها بلغة أكثر صراحة.
وذكرت هذه الصحيفة الأسبوعية أن الإيرانيين ليسوا مهتمين بشكل خاص باختيار "جلادهم" التالي، في إشارة إلى اللقب الذي أطلقه معارضون على الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، سابقًا، وفي إشارة أيضًا إلى المقاطعة واسعة النطاق للانتخابات،
كما ناقشت "شارلي إيبدو" المرشحين الحاضرين في هذه المرحلة، وكتبت أن مسعود بزشكيان "الإصلاحي"، لم يكن أكثر إقناعًا للناخبين من جليلي.
وشددت هذه الصحيفة الفرنسية أيضًا على أنه أيًا كان رئيس إيران، فإنه سيكون خاضعًا تمامًا للمواقف التقليدية للمرشد الإيراني، سواء في مجال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، أو في مجال العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية.
يُذكر أن فرنسا هي إحدى الدول الأوروبية، التي وقّعت على خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي طرف مفاوض مع إيران في مجال تفعيل الاتفاق النووي.
أعلن أكثر من 100 سجين سياسي في سجن إيفين، والعديد من النشطاء المدنيين وذويهم، مقاطعتهم للانتخابات الرئاسية، التي انطلقت جولتها الثانية اليوم، الجمعة، في إيران، واصفين إياها بأنها مسرحية وعرض شكلي يقوم به النظام، ومؤكدين أنها غير حرة وغير عادلة.
وقال السجين السياسي السابق، مهدي محموديان، في حسابه على منصة "إكس"، إن مسؤولي سجن ايفين، شمال العاصمة طهران، أحضروا صناديق الاقتراع إلى داخل السجن، لكن أكثر من 100 سجين سياسي رفضوا مجددًا المشاركة في "هذه الانتخابات غير الحرة وغير العادلة".
ومن بين السجناء المقاطعين للانتخابات تظهر أسماء سجناء سياسيين معروفين، مثل: مصطفى تاجز زاده وعبدالله مؤمني ونرجس محمدي وفائزة هاشمي وسبيده قليان وكلرخ ايرايي ورسول بداقي وغيرهم من السجناء السياسيين في سجن ايفين.
وكان المعتقلون السياسيون المسجونون في سجن إيفين، قد رفضوا التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وقاطعوها بشكل قوي وكبير.
وبحسب الإحصائيات التي أعلنها النظام، فقد أجريت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة في 28 من يونيو(حزيران) الماضي، حيث قاطعها 60 بالمائة من الإيرانيين، الذين يحق لهم التصويت، وانتقلت المنافسة بين مسعود بزشکیان وسعيد جليلي إلى الجولة الثانية.
ومع بدء التصويت لاختيار خليفة للرئيس الإيراني الراحل، إبراهيم رئيسي، قال المرشد، علي خامنئي، أثناء التصويت: "سمعت أن رغبة الناس واهتمامهم بالمشاركة في الانتخابات أصبح أكثر من ذي قبل، إن شاء الله يكون الأمر كذلك وإذا كان كذلك فهذا يدعو للسرور".
وذوو الضحايا يقاطعون
في غضون ذلك أعلن الكثير من ذوي الضحايا، الذين قُتلوا على يد النظام مقاطعتهم للانتخابات، مؤكدين أن المشاركة فيها تعني دعم النظام الذي أراق دماء المواطنين.
ونشرت إلهام اسعد زاده، شقيقة أمير جواد اسعد زاده، الذي قُتل في احتجاجات عام 2022، صورة لشقيقها ومقر إجراء الانتخابات في مدينة مشهد، وهو عبارة عن مسجد، وكتبت تعليقًا على ذلك: "هذا المسجد هو المكان الذي عذبوا في قبوه شقيقي، لدرجة أنهم هشموا عظامه وسلموه لنا جثة هامدة".
وأضافت: "هذا المكان، الذي أصبح مقرًا للانتخابات ملطخ بالدماء. عار علينا إذا ذهبنا إلى هذا المكان وشاركنا في الانتخابات، عار علينا إذا فضّلنا مصالحنا على دماء الشباب، الذين خسرناهم في سبيل الحرية".
قرر حزب العمال البريطاني، قبل الانتخابات البريطانية، أمس الخميس، اتخاذ إجراءات ضد الحرس الثوري الإيراني، باعتباره منظمة تابعة لدولة معادية.
والآن مع تشكيل الحكومة من قِبل هذا الحزب بعد الفوز في الانتخابات، فإن السؤال هو: ما الإجراء الذي ستتخذه الحكومة البريطانية الجديدة ضد الحرس الثوري الإيراني أو النظام الإيراني عمومًا؟
وقال ديفيد ليمي، الذي سيكون وزيرًا للخارجية في الحكومة البريطانية الجديدة، في مؤتمر صحافي، قبل أيام قليلة من الانتخابات، إنه سيتعامل مع الشرق الأوسط منذ اليوم الأول.
ويعد الشرق الأوسط دائمًا موضوعًا صعبًا لوزراء الخارجية البريطانيين، واتسمت لهجة ليمي بالثقة والحماس، عندما تحدث عن رحلاته العديدة، و"علاقات العمل الوثيقة للغاية" التي يحتفظ بها في جميع أنحاء المنطقة.
وألمح ليمي إلى احتمال فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وتحدث عن علاقات عمل جيدة مع كبار الشخصيات في الحزب الجمهوري.
ولأكثر من عام، لم يتوصل المحافظون إلى نتيجة بشأن اتخاذ مثل هذا القرار، ورفضوا القيام به، معربين عن قلقهم من أن تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية قد يضر بالعلاقات الدبلوماسية البريطانية مع إيران.
ورغم أن إيفيت كوبر، مرشحة وزارة الداخلية، وديفيد ليمي، مرشح وزارة الخارجية البريطانية في حزب العمال، وعدا بأنهما سيدعمان تصنيف الحرس الثوري الإيراني إرهابيًا، إذا فازا في انتخابات 4 يوليو (تموز)، فإن السؤال هو: ماذا عن العواقب والتبعات؟
هذا هو السؤال الذي سيواجهه وزير الخارجية البريطاني الجديد، ديفيد ليمي، في بداية حياته المهنية.
وأشار ديفيد ليمي، إلى الصراع بين إسرائيل وحماس، لافتًا إلى أهمية التعاون مع الشركاء العالميين والإقليميين، بمن في ذلك شركاء بريطانيا العرب، وتناول المخاوف القائمة بشأن انتشار الصراع إلى لبنان.
ونوه إلى المشاكل العديدة التي تسببها أنشطة الميليشيات التابعة لإيران في المنطقة، مثل حزب الله والحوثيين.
كما أشار بشكل مباشر إلى الحرس الثوري الإيراني والقمع الداخلي، الذي تمارسه هذه المنظمة، باعتباره أحد العوامل المثيرة للقلق.
إن الاهتمام الشامل بين أعضاء الحزبين البريطانيين الرئيسين بالقضايا المتعلقة بإيران، خلال العامين الماضيين، في كل من البرلمانين البريطانيين: مجلس العموم ومجلس اللوردات، كان غير مسبوق.
وطالب نحو 500 عضو في البرلمان واللوردات، خلال الأسابيع التي سبقت الانتخابات، في رسالتين منفصلتين، الحكومة الحالية بفرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني في الحكومة الجديدة.
وعلى الرغم من أنه من السابق لأوانه معرفة طبيعة البرلمان البريطاني القادم، فإنه من الواضح أن الأعمال الإرهابية التي يقوم بها الحرس الثوري الإيراني تؤخذ على محمل الجد، ولم يقتصر الأمر على أنها وجدت طريقها إلى ميثاق حزب العمل. ولكن تم أيضًا تسليط الضوء على الحاجة إلى إنشاء إطار شامل ومراجعة لتصنيف الجماعات الإرهابية في المملكة المتحدة لمواجهة تهديدات الأمن الداخلي القائمة، التي تقوم بها الكيانات الدولية المعادية.
والآن لدى حكومة ستارمر الفرصة للقيام بذلك، وبُناءً على ما فعلته كندا بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، وما فعلته الدائرة القانونية في خدمة العمل الخارجي التابعة للاتحاد الأوروبي بناءً على طلب ألمانيا، فإن لندن قد تتخذ إجراءات في هذا المجال.
وأعلنت الحكومة الكندية رسميًا، الشهر الماضي، تصنيفها الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.
وقبلت الدائرة القانونية في دائرة الشؤون الخارجية التابعة للاتحاد الأوروبي، مؤخرًا، طلب ألمانيا بإدراج الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، وبدأت الإجراءات الرسمية لإدراجه في قائمة الجماعات الإرهابية لدى الاتحاد.
وإذا أعلنت الحكومة البريطانية رسميًا أن الحرس الثوري منظمة إرهابية، فإن العضوية في هذه الجماعة أو حتى دعمها ستعتبر جريمة في هذا البلد.
أظهرت وثيقة رسمية لإدارة الهجرة واللاجئين الكندية إلغاء تصريح الإقامة الدائمة وترحيل باقر أردشير لاريجاني، المسؤول السابق بوزارة الصحة في إيران، من كندا، لانتهاكه قوانين الهجرة، وهو شقيق علي وصادق لاريجاني، اللذين شغلا منصبي رئيسي السلطة القضائية والبرلمان لفترة طويلة.
وبحسب هذه الوثيقة الرسمية، فقد حصل باقر لاريجاني في سبتمبر (أيلول) 2017، مع زوجته فاطمة حسن زاده عاملي، وابنه إدريس، على الإقامة الدائمة في كندا كطاقة عمالية ماهرة.
وأشارت الوثيقة إلى أن باقر لاريجاني عاش في إيران معظم الوقت منذ حصوله على الإقامة الكندية، وبقي في كندا لمدة 258 يومًا فقط حتى أكتوبر (تشرين الأول) 2022.
وأبلغه مسؤولو إدارة الهجرة الكندية بأنه تم إلغاء تصريح إقامته وعليه مغادرة بلادهم؛ لأنه لم يبقَ في كندا لمدة 730 يومًا على الأقل، خلال الأعوام الخمسة السابقة، وذلك بعد عودته الأخيرة إلى العاصمة أوتاوا في 15 أكتوبر 2022 (ذروة احتجاجات المرأة، الحياة، الحرية في إيران)، وقبل 12 يومًا فقط من انتهاء بطاقة إقامته الدائمة.
وأظهرت وثيقة إدارة الهجرة الكندية أيضًا أنه على الرغم من أن لاريجاني يكسب المال عن طريق استئجار العقارات في كندا، فإن مصدر دخله الأساسي هو إيران، وبهذه الطريقة، فهو يساعد ابنه في إكمال تعليمه الخاص بمجال الصيدلة في كندا.
وتقدم لاريجاني بشكوى إلى دائرة الاستئناف في إدارة الهجرة الكندية، مدعيًا أنه لم يستطع البقاء في كندا؛ لأنه كان يرعى والدته المسنة في إيران، وطلب الاستئناف على قرار إلغاء إقامته وطرده من هذا البلد.
وأضاف المساعد السابق بوزارة الصحة الإيرانية أن إلغاء إقامته تسبب في ابتعاده عن ابنه، وسيكون الأمر صعبًا عليه للغاية.
كما زعم باقر لاريجاني، الذي شغل شقيقاه منصبي رئيسي السلطة القضائية والبرلمان لفترة طويلة، في طلبه، أنه لم يجرؤ على إعلان إقامته الدائمة في كندا لجامعة طهران أو النظام الإيراني، بسبب وظيفته الحكومية في تلك الجامعة.
وعُقدت جلسة استئناف على طلب لاريجاني عبر الإنترنت، في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وأصدر محامي الحكومة المسؤول عن التعامل مع هذا الملف حكمه في 25 يناير (كانون الثاني) 2024.
ورفض محامي الحكومة الكندية طلب باقر لاريجاني، وأكد الحكم بإلغاء إقامته الدائمة وطرده من هذا البلد، استنادًا إلى الأدلة المذكورة بالتفصيل.
وكان باقر لاريجاني مسؤولًا بارزًا في وزارة الصحة الإيرانية في فترات مختلفة، كما شغل أيضًا رئاسة جامعة طهران للعلوم الطبية.
وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من طرد باقر لاريجاني من كندا؛ بسبب انتهاكه قوانين الهجرة، فإن الحكومة الكندية كثّفت مؤخرًا عملية التعامل مع مسؤولي نظام الجمهورية الإسلامية الموجودين في هذا البلد.
وفي هذا السياق، أكدت وسائل إعلام كندية أن حكومة أوتاوا بدأت في يوليو (تموز) الجاري طرد خمسة من المسؤولين الإيرانيين.
وردًا على سؤال "إيران إنترناشيونال" عن أسباب بدء ترحيل هؤلاء المسؤولين الخمسة، أعلن حرس الحدود الكندي أن كندا تقف إلى جانب الشعب الإيراني الذي يواصل النضال من أجل حقوقه.
قضت محكمة أوسلو، يوم الخميس 4 يوليو (تموز)، على رجل نرويجي من أصل إيراني يدعى زانيار مطابور بالسجن 30 عامًا بتهمة الإرهاب، بسبب هجوم على احتفال للمثليين في العاصمة النرويجية أوسلو خلال عام 2022.
وفي 25 يونيو (حزيران) 2022، وبالتزامن مع الاحتفال السنوي للمثليين في أوسلو، قُتل شخصان وأصيب 9 أشخاص بجروح خطيرة نتيجة إطلاق النار على أشخاص في ثلاثة أماكن بالقرب من حانة تسمى "لندن باب"، وهو مكان استراحة للمثليين.
وقالت محكمة منطقة أوسلو في حكمها إن زانيار مطابور أطلق 10 رصاصات من مدفع رشاش و8 رصاصات من مسدس على المثليين. وكان هذا الشخص قد بايع ما يسمى بـ"الخلافة الإسلامية" وآمن بأفكار متطرفة وعنيفة منذ عدة سنوات.
ويعد الحكم بالسجن لمدة 30 عامًا هو أشد عقوبة في البلاد بعد التغييرات التي أدخلت على القوانين الجنائية النرويجية المتعلقة بالجرائم الإرهابية في عام 2015.
ووصف المدعي العام في هذه القضية حكم المحكمة بأنه "نتيجة صحيحة وحكم تاريخي ثقيل".
لكن محامي مطابور وصف حكم المحكمة بأنه "عقوبة قاسية"، وأضاف أنهم لم يتخذوا قرارًا بعد بشأن الاستئناف ضد الحكم.
وقال أحد ضحايا الهجوم، الذي أصيبت جبهته برصاصة، لإحدى وسائل الإعلام النرويجية: "الحكم يبعث على الارتياح الكبير".
وخلال المحاكمة، عرضت النيابة أمام المحكمة عدة صور فيديو لهذا الهجوم المسلح. ولم تتم قراءة حكم المحكمة، وتم تقديمه كوثيقة إلكترونية إلى مكتب المدعي العام والمدعين ومحامي الدفاع عن المدعى عليه.
وأضافت المحكمة أن الحكم سيقرأ في السجن على زانيار مطابور.
وبعد إطلاق النار، تعرض المتهم لهجوم من قبل المارة، ثم تم القبض عليه. وفي أعقاب الهجوم، ألغت الشرطة النرويجية مسيرة "فخر المثليين" في أوسلو، قائلة إنها لا تستطيع ضمان أمن هذا الحدث.
وصدم الهجوم المسلح المجتمع النرويجي حيث تندر جرائم العنف.
وعادة ما تكون الهجمات القاتلة التي وقعت في النرويج حتى الآن نتيجة لأعمال فردية، ويستخدم مصطلح "الذئب المنفرد" للإشارة إلى مرتكبيها.
وبطبيعة الحال، فإن النرويج هي موقع أعنف حادث إطلاق نار جماعي في أوروبا. ففي عام 2011، قتل رجل يؤمن بالأفكار اليمينية المتطرفة وشبه الفاشية 68 شخصًا بهجوم مسلح على مجموعة شبابية من الحزب الاشتراكي النرويجي في جزيرة أوتويا، وقبل ذلك قتل 8 أشخاص بقنبلة زرعها في حي مزدحم في أوسلو .
وقبل 6 أيام من الهجوم، أبلغت وكالة الأمن الخارجي النرويجية من قبل عميل سري باحتمال وقوع هجوم مسلح في إحدى دول شمال أوروبا، وأرسلت هذه المعلومات إلى وكالة الأمن الداخلي النرويجية وقوات الشرطة النرويجية.
ودفع زانيار مطابور بأنه غير مذنب في المحكمة. وأكد الطبيب النفسي الذي عينته المحكمة لفحص حالته العقلية في تقريره أن مطابور كان يتمتع بصحة جيدة عقليًا ونفسيًا وقت وقوع الهجوم.
وأثناء المحاكمة، اتفقت النيابة ومحامي الدفاع عن المتهم على أن زانيار مطابور أطلق النار على الحفل، ولم يختلفا على الدافع الإرهابي لهذا الهجوم.
لكن محامي السيد مطابور طلب العفو، بحجة أن موكله قد تم تحريضه وتشجيعه على تنفيذ الهجوم من قبل عميل سري لوكالة الأمن الداخلي النرويجية الذي تظاهر بأنه عضو بارز في "الخلافة الإسلامية".
وأوضحت المحكمة في حكمها أنه "من الواضح تماما أنه لا يمكن رؤية أي أعمال استفزازية غير قانونية في تصرفات إدارة الأمن الداخلي، ولم تكن العامل الدافع وراء العمل الإرهابي". وكانت المحاكمة قد بدأت في مارس (آذار) وانتهت في 16 مايو (أيار).